فليحكّم ضميره الوطنيّ!

فراس خدّاج
فراس خدّاج

لا يخفى على أحد أن هناك من غمز خارج البلاد لأحد الأحزاب السياسية الوازنة في لبنان للمضيّ في “التعنّت” القرداحي، كي يكون فرصةً له لتصفية حساباته الإقليمية التي لا تنتهي. فإذا لم يحكّم الوزير جورج القرداحي ضميره ويضع أمام عينيه المصلحة الوطنية العامة بعيداً من الشعبوية والمصالح السياسية لبعض الأفرقاء، ستكون الحكومة عاجزة عن تجنيب البلاد المزيد من الاضطرابات التي ستزيد من قساوة الوضع الاقتصادي الحالي. للأسف، بدأ الشلل الحكومي المعتاد يصيب حكومة نجيب ميقاتي، التي بدت منذ تشكيلها بعيدة كل البعد عن إحياء “خير العمل” لمجرد رؤيتها حالياً مقيدة ومتوقفة قصراً عن القيام بمهامها وعاجزة عن إحداث أي فجوة في الأزمة اللبنانية لتحقيق وعودها.

وكان ميقاتي عبّر، خلال اجتماع في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، عن موقفه بشكل واضح بشأن الازمة مع الخليج العربي والتشديد على حرصه على علاقات لبنان الجيدة والصداقة مع المملكة العربية السعودية والدول الخليجية، ومطالبته الجديّة للوزير القرداحي بتحكيم ضميره وحسّه الوطني واتخاذ الموقف “المسؤول” لحسم الإشكالية الحاصلة. فإن الموضوع بصريح العبارة يتعدّى مجرد تصريح وزير، ويعود الى تموضع لبنان بعيداً من الدول الصديقة، لذلك المطلوب من الحكومة والوزير الناطق بلسانها الخروج من سياسة المحاور الاقليمية، والعودة جميعاً الى الساحة اللبنانية حيث الشعب المنهك من ثقل الأزمات، ونعود الى لبنان الجامع ومنه الى الدور التاريخي للبنان في المنطقة العربية.

وبالحديث عن الأزمة الحالية، لا يمكن للحكومة نسيان المشاكل الجمّة التي تعانيها البلاد والعباد، الأمر الذي يحتّم عليها الإسراع في العمل وتطبيق الإصلاحات اللازمة لإعادة الثقة الوطنية إلى الدولة ومؤسساتها، والثقة الدولية من خلال المجتمع الدولي وبخاصة صندوق النقد الدولي، الذي بدأت الحكومة مبدئياً التفاوض معه لجلب المساعدات المطلوبة لكبح فرامل الانهيار الموجع. وبما أن الغطاء الدولي لا يزال موجوداً عند حكومة ميقاتي، لا بد لها ان تتخذ مواقف جريئة وجدية تجاه القضايا العامة التي تمس اللبنانيين في الصميم، وحلحلة الأزمة المستجدة مع الخليج العربي بأسرع وقت، والتوجه بشكل سليم الى الانتخابات النيابية التي يشدد عليها الاميركيون والفرنسيون لإجراءها بالموعد المحدد. وإلا استقالة حكومة ميقاتي هي الحل الوحيد لما تبقى من لبنان إذ يكفي اللعب بأعصاب اللبنانيين، وقد اكتفى الشعب من شدة الازمات التي خلّفها له المسؤولون “غير المسؤولين” في مراكز القرار، حتى لا نقول شيئاً آخر!

وعليه، السؤال المطروح اليوم: “هل ستكون حكومة ميقاتي قادرة على الصمود والثبات وسط الازمات الحالية؟! وماذا تخبئ الأيام المقبلة للبنانيين في ظل الضبابية الحكومية حول الكثير من مهامها؟ مهمة الحكومة إنقاذ البلاد أو الإطباق على ما تبقى من نَفَس فيها”.

شارك المقال