آخر سنة من عهد “العجز الشامل”!

فراس خدّاج
فراس خدّاج

على مرّ السنوات أو على مرّ العهود، لم يشهد لبنان واللبنانيون اذلالاً مماثلاً لما حصل لهم في ظل هذا العهد! إذ كانت انطلاقة “العهد القوي” بالخط العريض، الشعار المرحليّ للبلاد، لكن من شدة القوة تهاوى ومعه السلطة السياسية الحاكمة دفعة واحدة أمام صرخات النقمة الشعبية في تشرين. وعليه، تبدّل الشعار ليصبح “ما خلّونا” الذي يتناسب مع الظروف الطارئة بإمضاء الآمر الناهي للعهد جبران الصهر. من هنا انطلقت الكارثة!

منذ إعلان صاحب الفخامة رئيساً للبلاد في تشرين الأول 2016، رُسمت خريطة طريق جديدة للبنان إذ كان الجميع يتأمل خيراً برؤية البلاد في أبهى حلتها، لكن، ويا للأسف، خابت الظنون لحظة دخول الرئيس القصر العالي، فقد أصبحت الصورة غير واضحة لدرجة وقوع جميع اللبنانيين فريسة أزمة ونقمة غير مسبوقة. وأصبحت كلمة “إنجاز” متداولة جداً في صفوف العهد البرتقالي، فكان يصف العهد كل ما يجري في زمنه بالانجاز، ونسمعه صباحاً ومساءً. فانتخاب عون رئيساً للبلاد إنجاز، تشكيل حكومة إنجاز، إقرار موازنة إنجاز، وقانون انتخاب إنجاز، وتعطيل التشكيلات القضائية إنجاز، حتى تعطيل الدولة ومؤسساتها أصبح إنجازا… وقد بدت واضحة العلاقة القوية بين العهد والانجازات!

وكما لم ننسَ وعود العهد للبنانيين عند كل استحقاق انتخابي بتأمين الكهرباء 24/ 24، فقد برزت الحلقة المفقودة في “مليارات” الدولارات التي ضاعت بسبب إصرار جبران باسيل على أن تكون وزارة الطاقة من حصة العهد. فمنذ 12 عاماً صار مطلوباً ان يشغل الوزارة مساعدو صهر العهد، فتوالى عليها وزراء التيار، حتى ارتفع الدين العام الى مئة مليار دولار، 50 منها للكهرباء التي لم نرَ منها شيئا.

في خطاب القسم، قال الرئيس انه سيكافح الفساد. وفي حكومة عهده الأولى، أنشأ وزارة دولة لشؤون مكافحة الفساد، وعيّن صديقاً مقرباً منه على رأسها، حرصاً منه على تأدية مهامها كما يجب. وبدأت المكافحة، وهرب الفاسدون من الحساب، وصارت فضيحة تجر فضيحة. الكهرباء، النفايات، البلديات، وزارة الاتصالات، أوجيرو، الادارات الرسمية… إلخ. لم يبق أحد في هذه البلاد لم يتحدث عن الفساد. وعلى الرغم من أن الرئيس ووزيره يكافحان الفساد إلا أنه بدا كأنه ينتشر أكثر خصوصا بين المحسوبين على العهد. لكن، كالعادة، مجرد الحديث عن مكافحة الفساد والفاسدين، إنجاز طبعاً.

وكان اللافت طوال الفترة الرئاسية، الخروقات والتجاوزات التي قام بها الرئيس عون للدستور اللبناني، وهو المؤتمن على حمايته، والتي من شأنها ضرب نظام لبنان ومستقبله إلى حد تغيير الهوية. كذلك لم يسلم القضاء اللبناني من الرئيس الذي أوقف تشكيلاته “كرمى” لعيون المحسوبين عليه من القضاة.

نعم، إنه عهد “العجز الشامل” الذي حل مكان شعارات العهد القوي، فالسلطات والمؤسسات الدستورية في لبنان انهارت، وبدلا من تطوير البلاد هدمت، وبدلا من اتباع سياسة التلاقي والحوار اتّبع العهد سياسة التباعد والنقار، وبدلا من تصحيح علاقات لبنان مع الدول العربية الصديقة وترميم العلاقة مع المجتمع الدولي تركها تنهار.

السؤال المطروح اليوم، ماذا ستحمل لنا السنة الأخيرة من عمر العهد، وهل ستكون أصعب من قدرتنا على التحمل أو من الذي تحملناه طوال السنوات السابقة من العهد؟!

شارك المقال