عامٌ على رحيل عهد الانحطاط الأسود

محمد رياض حمود

السنة الأخيرة من هذا العهد هي كتلك اللحظة التي نشأ فيها ذاك التيار، لن يختلف الأمر لأن المشكلة عندهم في تلك العقلية الإقصائية المتعصبة، وتلك الفكرة كفيلة أن تدمر حاملها بالقدر الذي يظن فيها صاحبها بأنه قادر على تدمير خصومه.

السنة الأخيرة هي خاتمة عهد رئاسي أقل ما يوصف به بأنه عهد إخراج المسيحيين من كونهم رافعة للوطن اللبناني وحراساً لهذا الكيان وتحويلهم مرتزقة سياسيين يعملون على تحقيق أهداف عون وصهره بتحالف للأقليات ضد من يعتبرونهم الأكثرية.

صحيح أن هذه السنة هي نهاية عهد ميشال عون لكن لا ينتهي منطقه غير السوي في مقاربة الأمور السياسية، إن مشكلة هذا العهد وتياره ليست في ست سنوات قضاها مناكفا خصومه الذين اتوا به رئيساً، وليس في شعاره استعادة حقوق المسيحيين التي ضيّعها وقدمها على مذبح إيران و”حزب الله”، وليس في طبيعة من يتحكمون بهذا العهد وأنانيتهم وانفصامهم عن الواقع… إن مشكلة هذا العهد في انطلاقه بالعمل السياسي على معاداة مكون أساسي ومهم من مكونات المجتمع اللبناني وهو السُنّة، معتبراً أنهم يمرون حالياً بأضعف حالاتهم وهي فرصة للانقضاض عليهم لافتراس صلاحياتهم الدستورية. وفي الوقت عينه يَعتبر أن الشيعة هم الأقوى في المنطقة فأخذ يضرب بسيفهم السياسي وأحياناً بسيفهم العسكري لتحقيق مآربه، فحوّل المسيحيين الى مجرد أعداد في حاسبة ايران، بعدما كانوا هم قواعد الكيان وأساساته.

ست سنوات ولو أُعطي لهذا العهد ستين سنة لن يتغير ولن يحقق شيئاً للبنان ولا للمسيحيين، لأنه ببساطة تتحكم به عقليات متعصبة لا تريد العيش المشترك، بل تريد أن يخضع كل من على أرض الوطن لها، وما زالت تلك العقليات تعيش التاريخ فرأى أن يحقق ثأره مع ثارات الحسين.

إن الإخفاق على مستوى الخدمات في سياسة العهد والإنهيار الاقتصادي وتفلت الأسعار وارتفاع سعر الدولار وغيرها من المشكلات الاقتصادية ليست أسوأ ما أنتجه هذا العهد، بل هذه الأمور على أهميتها القصوى ما هي الا تفصيل صغير في سيئات وموبقات هذا العهد. فهذا العهد لم يهدم اقتصاد لبنان وليرته فحسب، بل هدم الكيان الذي طالما طالب به المسيحيون وحرصوا على قيامه، هدم الكيان اللبناني بانضمامه الى كيان آخر يتجاوز الحدود السياسية للبنان، منطلقا في كل هذا من حال عداء غير مفهومة للسنة، لكنه على الأرجح لن يفوز على السنة بعدما خسر نفسه بجعلها رهينة عند حزب الله وإيران.

شارك المقال