ماذا وراء مفاوضات فيينا؟

مروى جراح
مروى جراح

أكدت الدراسات أنّ بحر لبنان يحتوي على ثروة تبلغ زهاء 122 تريليون قدم مكعب و30 إلى 40 بليون برميل من النفط الخام.

إنّ احتمال أن يصبح لبنان “بوابة البرزخ للشرق” تضعه محط أنظار أمام ما يسمى بسياسة الاحتواء ليتعزّز مفهومها عند القوى الأميركية!

إذ أنّ السياسية الأميركية تتميز بسمات ثلاث؛ الارتباك، التناقض وعدم الاتساق. لكن هل هذا النهج سيصب في خانة المصالح الأميركية للدول المنتجة للبترول والغاز الطويلة الأمد؟ أم أنّ أمام هذه الأرقام ستنتفض روسيا التي تتحايل على الحاجة العالمية المتزايدة تدريجياً للغاز، ذعراً من تحوّل الشرق الأوسط لمنافس شرس!

بدأ هذا السيناريو أيام الانتداب الفرنسي عندما أصدر المفوض السامي هنري دي جوفنيل تشريعاً أجاز فيه التنقيب عن مناجم النفط والمعادن واستخراجها واستثمارها، توالت الأحداث والدراسات حول التنقيب للكشف عن هذه الكميات بدقة منذ العام 1932 وصولاً إلى العام 2018 حين أوكل التنقيب عن النفط والغاز في “البلوكين 9 و4” إلى تكتل ثلاثي الأبعاد “شركة توتال وشركة إيني ونوفاتيك” وبالتالي قبضة يد من أصابع مختلفة فرنسية – إيطالية – روسية.

وصولاً إلى اليوم بعد توقف المفاوضات لترسيم الحدود البحرية لفترة وإهمال توقيع المرسوم الإشتراعي رقم 6433، إذ ظهرت عقبة جديدة أفادت بطلب شركة توتال تأجيل موعد الحفر في البلوك الرقم 9 والذي كان مقرراً أن يبدأ به العمل قبل نهاية 2022…

لكن جائحة كورونا كانت بمثابة “الورقة الرابحة” لشركة توتال، إذ اتخذت الدولة اللبنانية سلسلة قرارات بتمديد مهل العقود وكان من ضمنها عقد الاستخراج للبلوكين “9 و4” والذي تأجّل نحو عام، ولا سيما أنّ شركة توتال تتذرّع بتردّي البنى التحتية في لبنان جراء انفجار مرفأ بيروت، فهل هذه الحجة تكشف لنا نية توتال الانسحاب؟ لأن المعدات التي استخدمتها الشركة لحفر البلوك الرقم 4 لم تتضرّر جراء انفجار المرفأ وبالتالي حجة وهمية تخفي وراءها الكثير من الفرضيات.

أمام الانسحاب غير المباشر لشركة توتال، من الممكن أن يلجأ لبنان إلى شركات “معينة” للتنقيب، إذ صرح الأمين العام لـ”حزب الله”، بأنه “على السلطات اللبنانية الاستعانة بشركة إيرانية للتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية اللبنانية واستخراجه في حال لم تتوفر شركات أجنبية”، موضحاً أنّ “الشركات الإيرانية لا تهاب القصف الإسرائيلي على الرغم من وجود خلاف بين لبنان واسرائيل بشأن السيادة”.

أمام هذه الموشّحات، لماذا لم يتم توقيع المرسوم الاشتراعي من الجهات المعنية التابعة والموالية للحزب الذي ينادي بأولوية السيادة؟

فإنّ عدم توقيع هذا المرسوم سيضع لبناننا بشراكة مع الصهيوني وعدم التوقيع يوضح أن “حزب الله” وحلفاءه قابلون للاحتواء وأن لبنان مُختطَف قراره من قِبَل زُمرةٍ أعْمَتهم الأطماع عن الاستقامة وأودت البلد إلى هاوية الانهيار.

فإننا نُبَرمج على شيفرة الأنظمة اللبنانية البتروكيماوية حيث تتواطأ حكومتنا مع الغرب لتزويدها بأحدث أساليب البرمجة للخلايا البشرية.

ويبقى السؤال: ماذا وراء مفاوضات فيينا؟ وماذا عن سيادة لبنان بين القوى الدولية والإقليمية؟ وهل ستتوصل الدول المتنازعة إلى حل لترسيم الحدود؟

شارك المقال