أصبح واضحاً جداً أن الرئيس نجيب ميقاتي يضع قاعدة أساسية في الوقت الراهن، لا استقالة للحكومة، ولا خلاف مع حزب الله أو مع حلفاء العهد وجبران باسيل. لكن في مقابل ما يعلن عنه الإعلام القريب من الحزب وانتقاده الدائم للإجراءات التي يقوم بها ميقاتي، والى جانبه وزير الداخلية بسام المولوي بخصوص العلاقات مع الخليج العربي، والأحداث التي تلت المؤتمر الصحافي لجمعية الوفاق البحرينية المعارضة في بيروت، اعتبر جميع اللبنانيين أن هناك خلافا جوهريا بين الحزب وميقاتي، إلا أن هذا التحليل خاطئ ولا يلامس الواقع، لأن ما يقوم به ميقاتي ووزير داخليّته في هذا الخصوص منسّق بشكل كامل مع حزب الله.
وبدا ذلك واضحا في تعامل الحزب مع ملفّ “الوفاق” البحرينية، تماماً كما يتعامل مع ملفّ “سليم عيّاش” المطلوب في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وذلك على مبدأ “إن وجدتموه أوقفوه”. فالقرار الذي اتخذه وزير الداخلية بترحيل أعضاء حركة الوفاق البحرينية من لبنان، انتهت باختصار “لم نجد أحدا”. وبهذه الطريقة تكون الحكومة وميقاتي ووزير داخليّته فعلوا ما أرادوه، ويكون الحزب وحلفاؤه فعلوا ما أرادوا.
منذ تشكيل ميقاتي لحكومته، هو الوحيد الذي لم يدخل في سجالٍ أو خلاف أو اختلاف مع صهر العهد ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، و لم يدخل أيضاً في سجال أو اختلاف مع الثنائي الشيعي، وتحديداً حزب الله. وتؤكّد كلّ الأمور الحاصلة ان ميقاتي تمكّن من التحالف بطريقة غير مباشرة مع الحزب وحليفه جبران، لاعتبار هذا التحالف ضروريا بالنسبة لهم.
أولاً، الرئيس ميقاتي بالتفاهم مع جبران والحزب يضمن استمراره في رئاسة الحكومة، وأنّه المرشّح الأوّل من دون منازع لرئاسة أيّ حكومة مقبلة بعد الانتخابات النيابية، إن حصلت. ثانياً، يرى حزب الله هذا التفاهم أو التحالف مع الرئيس ميقاتي بمنزلة الخطّة “البديلة” في حال أصرّ الرئيس سعد الحريري على هجر السياسة والسياسيين. الرئيس ميقاتي في مفهوم الحزب، أبرز المؤهّلين لتوفير الغطاء السُنّيّ في غياب سعد الحريري. ثالثاً، قناعة راسخة عند النائب جبران باسيل أنّ طموحه إلى خلافة عمّه في رئاسة الجمهورية لا يمكن أن يتحقّق وهو على عداء كامل مع السُنّة.
كل ذلك يؤكد المؤكد أن ميقاتي والحزب على وفاق كبير في الكثير من القضايا والمصالح العامة، والخلاف هو على الوجهة الخارجية للحكومة إذ يعتبر ميقاتي أن العلاقة مع الخليج والدول العربية الشقيقة ضرورية للبنان، لانها تساعده على فرملة الانهيار الحاصل، كله في ظل التطورات الإقليمية المتصاعدة من حرب اليمن الى احداث العراق مروراً ببيروت.
ومن المتوقع أن أن يتصاعد الدعم غير المباشر من حزب الله للرئيس ميقاتي في الانتخابات النيابية المقبلة، ليتمكن الاخير من امتلاك أكبر كتلة نيابية سنّيّة، لاستكمال أو إنتاج تسوية جديدة تسمح للحزب باستمرار حكمه للبنان.
أصبحتم تعلمون جيداً! أن هذه السلطة لا خلاف ولا اختلاف فيما بينها، فجميعهم متفقون على الشعب بما يراعي مصالحهم الداخلية ومواقفهم الخارجية، والشعب هو “الوحيد” الذي يدفع أثمان ذلك من خبزه وفقره وصحته… وفي كل تفصيل من حياته البائسة.
فإلى الاستحقاق در!