“أهو دا اللي صار”

حسين زياد منصور

“كأنه مبارح”، عام مضى على مشهد النهاية، المشهد المفجع والمفاجئ الذي كان بطله للمرة الأخيرة “العراب” حاتم علي، مشهد أبهرنا به محبوه في إخراجه، مشهد مهيب وسط حالة من الصدمة والحزن، جمع عددا كبيرا من ألمع الفنانين من مختلف التوجهات السياسية الباكين بصدق على رحيل الابن والأخ والصديق والأستاذ.

صاحب فضل كبير على الدراما العربية لما اغناها من انتاجات ستبقى خالدة في أذهان الجميع، شكلت وفاته صدمة قوية للوسط الفني العربي وبشكل خاص السوري والمصري، فتجربته الفنية كانت ضخمة وغنية على الرغم من قصر عمره.

أعماله المميزة لن تتكرر، فإلمامه بكامل تفاصيل عمله الفني، والتكامل والتجانس من الناحيتين الاخراجية والفكرية، جعله من قلائل المخرجين الذين يجذبون انتباه المشاهد قبل اسم بطل العمل.

رفع سقف الجرأة في اعماله من دون خدش الحياء العام، ونقل معاناة الناس من دون تحريف، أعاد احياء لغتنا العربية الفصحى، وسلط الضوء على تاريخنا العربي والإسلامي، فخرجت مسلسلات “الزير سالم” و”صلاح الدين الأيوبي” و”صقر قريش” و”عمر”…

لا يمكننا ان ننسى “الفصول الأربعة” و”أحلام كبيرة”، هذه المسلسلات التي شكلت جزءا لا يتجزأ من طفولتنا ومراهقتنا، فوصل ابداعه لدرجة جعلنا جزءا من افراد أسرة “كريم” والإحساس بالحياة اليومية والاجتماعية التي يعيشونها، تارة نشعر بالفرح والدفء معهم، والحزن والبكاء تارة أخرى.

الى جانب ذلك، لم تغب القضية الفلسطينية عن اعمال “حاتم علي”، فبعد ٤ سنوات من الكتابة، أبصرت “التغريبة الفلسطينية” النور، التي صور خلالها حاتم معاناة الفلسطينيين من الفقر والحرمان والتهجير الى الكفاح دفاعا عن أراضيهم ضد المحتل.

صاحب ٥٨ عاما رحل بسبب ازمة قلبية في نهاية عام الكوارث (٢٠٢٠) تاركا خلفه باقة من اجود وأضخم انتاجات الدراما العربية، يقول عنه من عرفه وعمل معه، رحل صانع النجوم، رحل المبدع، رحل طيب القلب، رحل صاحب القضية، رحل المهذب الراقي، رحل الصديق والحبيب والأستاذ، رحل الحاتم وترك إمبراطوريته الدرامية المثالية الرائعة من دون أي خلف.

وداعا حاتم، وداعا يا من عشت التغريبة مرتين…

شارك المقال