في ظل الازمة الاقتصادية الصعبة التي تمر فيها البلاد، عمالة الأطفال في لبنان ظاهرة قديمة تتفاقم مع اشتداد الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي لم تشهد مثلها البلاد منذ عقود طويلة، مما جعل 82% من اللبنانيين يرزحون تحت خط الفقر، و8% منهم يعيشون في فقر مدقع، الامر الذي دفع الأطفال الى العمل لمساعدة أهلهم، في غياب التربية المدرسية والقوانين وضعف التوجيه نحو التعليم المهني.
تعدّ ظاهرة عمل الاطفال من أخطر المشاكل الاجتماعية التي تؤثر سلباً في الطفل والمجتمع في آن معا، فهي تحرم الطفل من حقوقه الأساسية وتقضي على حلمه بالتعلم والوصول الى مستقبل أفضل. وزاد من وطأتها موجات النزوح السوري التي تشكل جزءاً كبيراً منها.
مفهوم عمل الأطفال هو الذي يضع أعباء ثقيلة على الطفل، ويهدّد سلامته وصحته ورفاهيته. العمل الذي يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته على الدّفاع عن حقوقه، العمل الذي يستغل الأطفال كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار، العمل الذي يستخدم الأطفال ولا يساهم في تنميتهم، العمل الذي يعيق تعليم الطفل وتدريبه وتغيير حياته وضمان مستقبله.
تقول الأرقام ان اكثر من ١٠٠ الف طفل تحت سن ١٨ عاما يعملون على الأراضي اللبنانية. منهم ٣٥ الفا لبنانيون يعملون في قطاعات مختلفة، وخصوصاً في القطاعين الصناعي والزراعي، على الرغم من أن قانون العمل الحالي يحظّر عمل الأطفال في الأعمال الصناعية تحت سن الخامسة عشرة، وهو ما يجعل لبنان من الدول التي تسجل النسبة الأعلى في العالم للأطفال العاملين ما بين ١٠ و١٧ عاماً.
وإن كانت العناية بأطفال اليوم وهم في الواقع شباب الغد، من أهم مقوّمات بناء مجتمع سليم وحضاري، فإنّ إهمالهم سيمنع الارتقاء الاجتماعي. فهل سيكون هذا المجتمع متماسكاً مع ازدياد حالات عمل الأطفال يوماً بعد يوم؟!