الجمعيات الأهلية بديل “الدولة” إجتماعياً

فراس خدّاج
فراس خدّاج

يعيش لبنان حالياً أسوأ أزمة اقتصادية واجتماعية يشهدها في تاريخه، ويبدو أنه ليس هناك أي بوادر حلحلة في الأفق، في ظل التصعيد السياسي المحلي والإقليمي، والفشل الذريع في إدارة البلاد. لكن في الحديث عن الأزمة اللبنانية، لا يمكننا إلاّ أن نشير إلى بقعة مضيئة وسط العتمة الشاملة، إلى الدور الذي لعبته الجمعيات الأهلية “البطلة” في جميع المناطق اللبنانية، في ظل غياب الغطاء الاجتماعي للدولة، والعمل على مساعدة العائلات اللبنانية على الصمود ومواجهة الكارثة.

الجمعيات الأهلية في لبنان على اختلاف اهتماماتها وأنشطتها، تضطلع بأدوار حيوية في مجالات شتى، صحية، اجتماعية، بيئية… وقد أثبتت جمعيات كثيرة جدارتها خصوصاً في الظروف الصعبة.

وفي هذا الإطار، كان لنا حوار مع رئيس جمعية “إنماء كفرمتى الخيرية” أمين مصلح، وهي جمعية أهلية فاعلة في منطقة كفرمتى نشطت خلال الأزمة وعملت على كافة الصعد. وعن تغطية الجمعية لغياب الدولة إجتماعياً عن القرية، قال مصلح: “استطعنا جزئياً تغطية هذا الغياب بالتعاون مع الناشطين والخيرين والقوى والفعاليات في ظل الأزمة الراهنة، وقمنا بتشكيل خلية أزمة مع البلدية والمخاتير للتخفيف من الضغوط الاجتماعية لتكون مستعدة دائماً الى جانب الأهالي، وتعمل على الأصعدة كافة”.

وعن كسب ثقة الأهالي ودعمهم، أوضح: “الجمعية لها تاريخها وتضحياتها وحيثياتها العابرة للعائلات والأحزاب في القرية، كما أن الأهالي شاهدوا عملنا والجهد الذي نبذله، فتشاركنا همومهم. لذلك أصبحنا نتلقى الدعم من قبل الميسورين ومن هم في بلاد الاغتراب وحزنا على ثقتهم، لمساعدة الأسر الأكثر حاجة”.

وعن تلقيها أي دعم من الدولة، قال: “حصلنا على دعم محدود من قبل وزارة الاقتصاد لبعض السلع الغذائية وأيضاً بعض دعم اللوجيستي من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية”.

وأضاف: “في الحديث عن الشق الاجتماعي، كان لنا دورنا في الكثير من المواضيع. في أزمة كورونا أقمنا حملات التوعية عن مخاطرها بتنظيم جملة بيانات وبوسترات حول ذلك، وإجراء فحوص pcr المجانية لأهالي القرية، وشراء أجهزة تنفس لزوم المرحلة، فضلاً عن تنظيم يوم طبي مجاني بوجود أطباء اختصاصيين. أما في أزمة الدولار والتردي الاقتصادي، قمنا كجمعية بتوزيع مساعدات نقدية بين العائلات الأكثر حاجة، إلى توزيع الحصص الغذائية وتأمين السلع للأهالي بأسعار رمزية. وعلى الصعيد الزراعي، نظمنا ندوات للتشجيع على الزراعة ووزعنا الشتول. وعلى الصعيد البيئي، قمنا بحملات تشجير وأعددنا خطة لفرز النفايات بالتعاون مع البلدية. وعلى الصعيد التربوي، قامت الجمعية بالتعاون مع البلدية بترميم المدرسة الرسمية في القرية وإعادة تفعيل دورها، وإقامة سلسلة دورات تثقيفية وفنية للأطفال في القاعة العامة”.

وتابع: “عززنا التعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وتم تفعيل التواصل التاريخي مع مدينة مارتنيانو الإيطالية، وتعزيز التعاون مع المغتربين، إلى تنظيم مجموعات للـHiking والـBiking… ولعبنا دوراً مهماً في معالجة بعض القضايا كتأمين مولد كهربائي لتغذية غالبية منازل القرية قدمه لنا أحد الفعاليات مشكوراً، بكلفة منخفضة من دون أي أرباح”.

وختم مصلح: “لدينا الكثير من المشاريع المستقبلية نعمل على دراستها، كإقامة معمل خياطة وفرن خيري. ونأمل بدء العمل نحن والبلدية والجميع على إنشاء حديقة عامة في أجمل مواقع القرية. كما أدعو الدولة اللبنانية للقيام بواجباتها تجاه الناس والنظر إلى وضعهم الاجتماعي المترديّ، ودعم الجمعيات الأهلية وكل الجمعيات الفاعلة على كامل الأراضي اللبنانية لتأمين الحماية الاجتماعية لجميع اللبنانيين في هذه الظروف المأساوية”.

شارك المقال