ويبقى اعلان عودة وزراء الثنائي الشيعي عن مقاطعة الحكومة الحدث الأبرز هذه الايام. ففي ظل الانخفاض المفاجئ للدولار بالنسبة لليرة اللبنانية وبانتظار الجلسة الأولى للحكومة بعد المقاطعة، نرى الجميع يحاول تحليل وفهم البيان المشترك الذي نشره “حزب الله” و”حركة امل” لمعرفة الخلفيات الحقيقية لهذا القرار. والسؤال المطروح: هل عودتهما الى الحكومة مشروطة؟
اختلف الكثير من وسائل الإعلام على توصيف القرار، بعضها اعتبر ذلك “تراجعا” أما البعض الآخر فاعتبره خسارة سياسية. وبالنظر إلى البيان المشترك فهو يوحي بأن العودة مشروطة، لأن الثنائي لا يزال يحتفظ بحقه في عدم حضور الجلسات الحكومية التي لا تروق له، أو كما يقول الجلسات التي لا تحمل العناوين التالية “إقرار الموازنة العامة، مناقشة خطة التعافي الاقتصادية، وكل ما يختص بالوضع المعيشي والحياتي للبنانيين”، وكل ذلك يؤكد ارتباطه بالاستحقاق الانتخابي.
البعد الحقيقي والواضح لتراجع هؤلاء عن القرار، وخاصة من دون تحقيق أي إنجاز ملموس على خط إطاحة المحقق العدلي في قضية مرفأ بيروت طارق بيطار، يضعنا أمام عدة فرضيات.
أولها، الضغط الشعبي كان أقوى عليهما من الضغط السياسي أو الديبلوماسي، لأن شلّ مجلس الوزراء بدأ يلحق أضراراً كبيرة بالبيئة الحاضنة ومصالحها المباشرة.
ثانياً، يحاول “حزب الله” تحديداً، في ضوء الوضع الإقليمي الذي لم يعد يميل لمصلحته اثر تطورات حرب اليمن، وضع حدٍّ لخسائره وتكتل غالبية لبنانية ضدّه، بعدما كان يروّج لمقاطعة الحكومة بانتصار الحوثي في اليمن وامكانية السيطرة على مأرب.
ثالثاً، هناك صفقة “سرية “بين القوى السياسية المشاركة في الحكومة، بحيث تترافق عودة “الثنائي الشيعي” الى مجلس الوزراء مع تجميد التحقيقات في ملف مرفأ بيروت، إذ انّ المحقق البيطار ينتظر قرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي لم تعد قادرة، بعد إحالة أحد أعضائها إلى التقاعد، على توفير النصاب القانوني لاجتماعاتها، وتالياً، فإنّ القوى السياسية تتواطأ مع الثنائي، الأمر الذي يثير ريبة وغضب جميع المعنيين بالوصول الى الحقيقة في ملف المرفأ وخصوصا أهالي الضحايا.
اخيراً، يربطون “العودة”، وفق التحليلات، بالتحضير لعمل أمني خطر في لبنان، مرتبط بالدور الإقليمي لحزب الله، مثل عملية نوعية أو استهداف السفارة الأميركية بطائرة مسيّرة أو خلاف ذلك، أي من أجواء ما يحصل في العراق واليمن.
خلاصة القول، لا يمكن القول أن عودة “الثنائي الشيعي” الى الجلسات الحكومية سببها الخوف على مصالح اللبنانيين الاقتصادية والاجتماعية، لأنه في السابق حين كان الوضع اللبناني في أسوأ حالاته عطل الحكومة من أجل مصالحه الخاصة ولم يأبه… لكن حتى لا نصل الى استنتاجات سريعة والصورة غير واضحة لننتظر أولى الجلسات التي ستكشف معالم القرار…