إعادة إحياء سد المسيلحة “العقيم”

فراس خدّاج
فراس خدّاج

على الرغم من كل الدراسات التي أجريت عليه، وأظهرت فشله الذريع في تأمين المياه لمنطقة البترون، وعدم جدواه الاقتصادي، عاد سد المسيلحة الى الواجهة من جديد. فقد أعلنت وزارة الطاقة والمياه في بيان عن بدء تعبئة سد المسيلحة بعد الاتفاق مع متعهد مشروع لانشاء سدّ وبحيرة المسيلحة في قضاء البترون، وبناءً على العقد الموقّع بين الدولة اللبنانية ممثلة بوزير الطاقة وليد فياض وبين “Maltauro spa-Impresa construzioni Giuseppe” متعهد المشروع.

ونشرت جريدة “نداء الوطن” نسخة من تفاصيل العقد الذي لم تكشف عنه وزارة الطاقة بعد، وعن كلفته المادية، مع توقيع فياض على كشوفات بملايين الدولارات للمتعهد، بحيث يُعتبر فضيحة كبيرة في زمن الانهيار المالي في البلاد. وتمت تعبئة السدّ في السابق، لكنه أبدى عجزاً عن تأمين المياه، ووصفه الخبراء آنذاك بـ”فضيحة الفضائح”. الا أن وزارة الطاقة والمياه لا تزال تدافع عن المشروع بالقول: “ان مشروع السدّ ما زال يستكمل العمل به ولم ينتهِ”.

أما الكشف الذي طلب سداده وزير الطاقة بقيمة 1,8 مليون دولار فيأتي “خلافاً للأصول ودفتر الشروط”، كما يكشف أن العقد الأساسي بقيمة 11 مليون دولار بما فيها الضريبة على القيمة المضافة والأشغال الاضافية بقيمة 9 ملايين دولار، فلماذا تضاف رسوم الـ TVA والطابع المالي ضمن العقد على عاتق الدولة؟!.

وعليه، لماذا العمل على سدّ “عقيم” بعد؟!… فالتجارب على المشروع كانت قد بدأت عام 2020 حين تمّت تعبئة البحيرة للمرة الأولى الى نصف حجمها مما سمح بدراسة ثبات جسم السد وأرضية البحيرة وضفافها وتفاعلهما مع حجم المياه المخزنة. وبناء عليه اقترح الاستشاري حينها إجراء تعديلات سمحت بعد إتمامها بتنفيذ التعبئة الثانية حتى مستوى المفيض أي حجم التخزين الأقصى، وتحقق ذلك في فترة زمنية قياسية لم تتعدَّ الأيام العشرة.

وبالنظر الى بناء السد على الطبقة الطينية، فالفراغات تحتها تجذب المياه الى داخلها مما أدى الى تفسّخ الباطون. وجاء ذلك بعد تجربة فاعلية السد، إذ أدى ضغط المياه إلى زيادة الضغط على أرضية السد، فذهبت المياه داخل الفراغات في الأرض. أما نتائج التجربة الثانية فأدت إلى سلسلة من الإجراءات طلبها الاستشاري العالمي برنارد تارديو، لكن جائحة كورونا والأزمة المالية، وكل الأمور التي جاءت بعدها حالت دون تنفيذ متطلبات الاستشاري قبل ربيع العام 2021.

وفي خلاصة القول، هل هناك دراسات ومعطيّات جديدة تسمح لوزارة الطاقة والمياه باعادة طرح مشروع سد المسيلحة كسدّ قادر على تأمين مياه لمنطقة البترون، وفي ظل الانهيار المالي؟، ولماذا لم يطلع الوزير فياض بعد اللبنانيين على حقيقة ما يجري العمل عليه في السد؟، وهل هو في النهاية عنوان سياسي وانتخابي يُعيد به تعويم الفريق السياسي الذي يعمل على إنشائه منذ سنوات، ومن دون فائدة؟!

شارك المقال