لبنان في قائمة “بؤر الجوع الساخنة”… ومارديني: المساعدات ليست حلاً مستداماً

ميرنا سرور
ميرنا سرور

حذّر تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” وبرنامج الأغذية العالمي التابعين للأمم المتحدة من ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد في 23 بؤرة ساخنة للجوع في العالم، من بينها لبنان، خلال الأشهر المقبلة، ما لم يتم تقديم مساعدات عاجلة وواسعة النطاق.

وكان لبنان واحداً من 6 دول عربية شملها التقرير هي: سوريا، اليمن، السودان، موريتانيا والصومال. وتوقع التقرير أن تشهد معدلات الجوع الحاد ارتفاعاً كبيراً في معظم مناطق العالم، من أفغانستان في آسيا، وسوريا ولبنان في الشرق الأوسط، إلى فنزويلا وهايتي في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وبطبيعة الحال في أفريقيا.

وينبّه التقرير الى وجود أكثر من 34 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يعانون مستويات طارئة من الجوع الحاد (المستوى الرابع من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي IPC)، مما يعني أنهم على بعد خطوة واحدة من المجاعة.

ويذكر التقرير سلسلة عوامل وأسباب لهذه الكارثة، من بينها: النزاع أو غيره من أشكال العنف، جائحة فيروس كورونا، الظواهر المناخية المتطرفة والطقس الناجم عن ظاهرة النينيا خلال شهري نيسان/أبريل وأيار/مايو، مما يؤدي إلى تزايد الجوع في أجزاء عديدة من العالم، تفشي موجات الجراد الصحراوي في شرق أفريقيا وعلى ساحل البحر الأحمر، إضافة الى تزايد القيود المفروضة في بعض البلدان على الوصول لمساعدة المحتاجين.

وفي القسم المخصص للبنان، يشير التقرير الى أنه من المتوقع أن تزداد الأزمة سوءاً نتيجة غياب الاستقرار السياسي واستمرار جائحة كورونا، لافتاً الى الانخفاض الحاد في مستوى الاحتياطيات النقدية والذي أقدم البنك المركزي بنتيجته على رفع الدعم عن عدد من السلع كالبنزين والغاز، مما ترك العديد من الأسر غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية.

ويوضح التقرير أن حجم الاقتصاد اللبناني تقلص بـ44% ما بين عامي 2018 و2020، ويُتوقع أن يتقلص بنسبة 10.5% إضافية عام 2021. وباعتبار أن الأمن الغذائي في لبنان يعتمد على الاستيراد، فإن البلد تأثر كذلك بما طرأ من خلل على سلاسل العرض (supply chains) نتيجة الجائحة. وبنتيجة هذه العوامل، بلغت نسبة تضخم أسعار السلع الغذائية 304% في تشرين الأول/ أكتوبر2021، كما أن معدلات الاستيراد تراجعت بـ13% في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، مقارنة بالفترة عينها من عام 2020.

وفي الأرقام، يشير التقرير الى أن 1.3 مليون مواطن لبناني مهددون بأمنهم الغذائي نتيجة هذه الأزمة، بينهم 190 ألفاً يعانون بشدة. كذلك، يلحظ التقرير أن من بين 1.5 مليون نازح مقيم في لبنان، هناك 735000 مهددون على مستوى الأمن الغذائي.

ويدعو التقرير الى خطة استجابة طارئة تقدر قيمتها بـ115 مليون دولار للأمن الغذائي، و25 مليوناً للتدخل الغذائي(nutrition intervention) ، والى اقامة شبكة أمان اجتماعي طارئة تصل الى الأسر الأكثر عرضةً، وذلك بالتعاون مع السلطات الرسمية.

بانتظار الحلول

الى ذلك، يشدد الخبير الاقتصادي باتريك مارديني في حديث لـ”لبنان الكبير”، على أهمية تفعيل مشروع البطاقة التمويلية لكونه سيساعد هذه الفئات المهمشة، لكنّه يحذر من جهة أخرى من كون هذا الحل غير مستدام ويستمر لأشهر فقط. ويقول: “هناك 500 ألف فرد قاموا بالتسجيل على منصة “دعم”، غير أن المشكلة بتفعيل البطاقة هي في التمويل، إذ أن البنك الدولي سيمتنع عن تمويلها ما لم يكن متأكداً من أن هذه الأسر التي ستتلقى الدعم هي من المستحقين فعلاً لا المدعومين سياسياً”.

ويوضح أن “هذه المساعدات مرحلية موقتة، وهي بالتالي ليست حلاًّ مستداماً لمشكلة الأمن الغذائي، وهدفها مساعدة العائلات الأكثر فقراً للتخفيف من وطأة الأزمة عليهم، أمّا الحل المستدام فهو بانتظار معالجة شاملة للأزمة الاقتصادية تضع عجلة النمو على السكة الصحيحة”.

وعن تأثير سعر صرف الليرة مقابل الدولار في تضخم الأسعار وبالتالي في الأمن الغذائي، يتوقع مارديني “أن يستمر ضبط سعر صرف الدولار في السوق السوداء حتى الانتخابات، وذلك بفعل التعميم 161 الصادر عن المصرف المركزي، ما لم يطرأ أي حدث أمني كبير يدفع الليرة الى تدهور سريع في سعر الصرف”.

ويضيف: “إن إجراءات مصرف لبنان مرحلية، إذ أن الأسلوب المعتمد لضبط سعر الصرف مكلف ويجري على حساب أموال المودعين”.

ويوضح مارديني أنه “من المتوقع أن يستمر الاستقرار في سعر صرف الدولار لتمرير الموازنة والاستحقاق الانتخابي، غير أن القدرة الشرائية ستعود لتشهد مزيداً من التدهور بعدها، بحكم الواقع النقدي والمالي القائم، فالموازنة التي يتم درسها حالياً شهدت زيادات على الضرائب والرسوم ستؤدي حكماً الى ارتفاع أسعار السلع، لافتاً الى وجود عجز في الموازنة يبلغ 10000 مليار ليرة اضافة الى 5000 مليار سلفة خزينة للكهرباء، ستموّل عن طريق مصرف لبنان، اي أنها ستشكل عاملاً تضخمياً إضافياً”.

ويشير الى وجود عامل تضخمي ثالث محتمل وهو “تليير” الودائع في قسم كبير منها، “الأمر الذي سيؤدي الى ارتفاع الطلب على الدولار وبالتالي انهيار إضافي في سعر الليرة اللبنانية، مما يعني ارتفاعاً إضافياً في كلفة المعيشة”.

شارك المقال