حذار التفكير الزائد!

سهى الدغيدي‎‎

في الوقت الذي قد يستغرق البعض في التفكير بمواقف معيّنة تواجهه في حياته مدّة من الزمن، نجد أنّ هنالك أشخاصاً يعانون من تدفّقات دائمة ومستمرّة للأفكار في عقولهم. فأصحاب التفكير الزائد المزمن Chronic Overthinkers غالباً ما يستعيدون في رؤوسهم الحوارات والأحاديث التي أجروها بالأمس، أو يشكّكون في كلّ قرار يتخذونه، أو يتخيّلون مخارج كارثية لكلّ شي، طوال اليوم، وكلّ يوم!. التفكير الزائد لا ينطوي على الكلمات وحسب، فالمفرطون في التفكير يستحضرون في عقولهم صوراً كارثية أيضاً من محض مخيّلتهم، بحيث يمكن أن تشبّه عقلهم بفيلم سينمائي تهوي فيه سيّارتهم مثلاً من على جرف أو يستمرّون بالتفكير في أحداث سيئة مرّوا بها مراراً وتكراراً.

قد لا تشعر بأنّ التفكير الزائد سيءٌ إلى هذا الحدّ، لكن إن كنت تعاني منه حقاً فأنت تعلم تمام العلم كم هو مرهق ومستنزفٌ للطاقة ومتعب للنفس.

يمكن لدوّامة التفكير الزائد أن تؤثر سلباً، ليس على صحتّك الذهنية وحسب، انما أيضاً على صحّتك الجسدية والعاطفية. فالحزن والاكتئاب، ليسا الناتجين الوحيدين عن عملية التفكير الزائد، إذ أنّ له أضراراً أخرى عديدة تطالُ جميع نواحي حياتك.

بحسب دراسة أجريت في كليّة “هارفارد” الطبية على مجموعة من الأشخاص ممّن تتراوح أعمارهم بين 60 و70 سنة وبين المعمّرين الذين تزيد أعمارهم عن مئة سنة، تبيّن أنّ أولئك الذين توفوا في أعمار أصغر يمتلكون نسبة أقلّ من البروتين الذي يهدّئ الدماغ. فالتفكير الزائد يرهق الدماغ، ويؤدّي بالتالي إلى إفراز هذا البروتين. وذلك لا يعني أنّك ستموت في سنّ الثلاثين إن كنت من أصحاب التفكير المفرط، لكنه سيؤثر بلا شكّ تأثيراً سلبياً على الدماغ ويؤدي إلى مشكلات وأمراض قد تتسبّب بالوفاة.

إن كنت ممن يبالغون في التفكير، فأنت على الأرجح تدرك ذلك. وإن كنت ممن يعانون التفكير الزائد، فأنت لست الوحيد في ذلك اذ أنّ ما نسبته 73% من الأشخاص في عمر 25 – 35 سنة، وحوالي 53% ممّن أعمارهم بين 45 – 55 سنة هم من أصحاب التفكير المفرط.

التفكير أمر بشري طبيعي، لكنّه حينما يزيد عن حدّه يصبح من السهل في حينه أن تغرق في الأفكار السلبية وفي بناء الافتراضات التي لا أساس لها من الصحّة.

شارك المقال