“بيروت حرَّة”… تهمة تستدعي الاغتيال

كمال دمج
كمال دمج

في زمن الحرية، وتزامناً مع ذكرى “ثورة الأرز”، يصعب علينا القول بأنَّ الحريات في خطر، إنَّما نحن أرباب الحرية، جسدياً، تحت الخطر. في زمن التضحية من أجل لبنان، وفي زمن العمل حقاً لـ “لبنان أولاً”، نخجل من الخوف على أجسادنا الفانية، لا محالة، أمام الدفاع عن فكرة لبنان الخالدة، وعن ثقافة شعبه وانفتاح مدنه، وخاصة بيروت وشاطئ بيروت.

إنَّ معرض بيروت العربي والدولي للكتاب الذي بنشأته هو المعرض الأول في العالم العربي، والذي يحمل لقب “عميد المعارض العربية” ويُعدّ “رائد المعارض العربية للكتاب”، نشأ ليكون فسحة ثقافية تستقطب القرّاء وخاصة الشابات والشبان من كل لبنان لاطلاعهم على إصدارات دور النشر العربية واللبنانية إنطلاقاً من كون بيروت “مطبعة العرب” ومنبعاً أساسياً للفكر المنفتح على الحضارات والثقافات والأديان، وليس ليستخدم منبراً لاطلاع رواده على “مجسمات”، لا ترتقي لتشكل عملاً فنياً أو حرفياً، لشخصية عسكرية إيرانية عُرفتْ بعدائها للعرب وبفخرها الدائم بسيطرة “فيلق القدس” على أربع مدائن عربية وأهمها بيروت.

ما كان معرض الكتاب، في يوم من الأيام، باباً لتضليل القرّاء العرب من خلال سيرة ملفَّقة لشخصية كانت لاعباً أساسياً ووجهاً بارزاً في العمليات الارهابية المتسببة بسلب الاستقرار والأمان والمساهمة في التشرد والجوع والحرمان للملايين من العرب، وليست حرية أن يكون ويستخدم منبراً لمتنطحين مستقوين بالبطش والسلاح، يشتمون بيروت في قلب بيروت النابض ويسلبون منها سيادتها ويغلقون في وجهها أي باب للنمو والتطور.

إنَّ بيروت اليوم، في زمن ثورة “الحرية والسيادة والاستقلال” التي قامت على مبدأ سمير قصير بأنْ ليس الاحباط قدراً، والتي ما زالتْ حناجر المؤمنين بنهجها تصدح بـ “قسم” جبران تويني، تقبع تحت خطر الابادة لكلِّ صوت يرفع الحقَّ والصدق رايةَ قيادةٍ في سبيل التحرر من بطش الاحتلال، وتقع ضحية غطرسة رئيس عهد “جهنَّم الأرض” وتكريسه المؤسسات المقيَّدة بحكمه، وسائل “غب الطلب” في خدمة مزاجيات “حاشية البلاط”، والذي كان آخر ضحاياها رئيس تحرير موقع “لبنان الكبير” الصحافي محمد نمر عبر استدعائه من قبل المباحث الجنائية، إضافة إلى تمييع، لا بل منع التحقيق في جريمة إغتيال الناشط لقمان سليم.

ليست الحرية مطلباً، ولا حقاً مكتسباً يمنن به أولياء السلطة والقوة شعوب هذه الأرض. الحرية طبيعة الانسان منذ وجوده، وميزة الانسان المتحضر القادر على الفصل بينها وبين الوقاحة وعدم الموضوعية بالادعاء بها. إنها كرامة كل مخلوق، ومن يعتدي عليها يعتدي على جوهر الحياة.

إجعلوا الفكر والوعي منارة حريتكم، وواجهوا في سبيل قيامة لبنان.

شارك المقال