مجرة القيم والأخلاق… ٢٢ عاماً على الانطلاق

حسين زياد منصور

هناك لحظات لا يمكن نسيانها وتبقى عالقة في ذاكرتنا وفي كثير من الأحيان تشكل القاعدة التي نشأنا عليها، وغالبيتها تعود الى فترة الطفولة، فالأوقات التي قضيناها مع أصدقائنا في المدرسة والحي كانت أجمل اللحظات.

ان قيم الصداقة والصدق والحب والشجاعة ومساعدة الغير لم نكتسبها من المدرسة وحسب، بل لعبت برامج ومسلسلات الكرتون الخاصة بالأطفال دوراً في ذلك، فساهمت في تشكيل وعينا وإدراكنا لأنفسنا ومعرفة القيم التي يجب اتباعها، وبالنسبة الينا نحن جيل التسعينيات يعود الفضل الى قناة “سبيستون”.

تحتفل اليوم “سبيستون” بعيدها الثاني والعشرين، فبعد ظهورها في ١٥ آذار كفقرة خاصة بالأطفال على الشاشة البحرينية على مدى عامين، استقلت “سبيستون” في العام ٢٠٠٢، لتشكل حالة خاصة لدى متابعيها، بعدما أصبح شعارها موجهاً الى الطفل العربي الذي يكتسب القيم منها قناة “شباب المستقبل”، و”سبيستون” هي ثالث قناة في العالم العربي تختص بالرسوم المتحركة.

امتلكت “سبيستون” مقرين الأول في دمشق والثاني تم افتتاحه في العام ٢٠٠٣ – ٢٠٠٤ في دبي، وضمّت مجموعة من المستثمرين السوريين والعرب فضلاً عن مجموعة من الشركات المتخصصة بالانتاج والنشر والدبلجة، الى جانب التعاون والعلاقة المميزة مع “مركز الزهرة”.

والى جانب الرسوم المتحركة، قدمت القناة باقة مميزة من الأناشيد والفقرات التي تحمل أهدافاً ذات قيمة، اذ تنوعت بين الدين والفكاهة والثقافة، وعرّفت الأطفال على مبادئ الدين الإسلامي وقواعده وأركانه، تماشى محتواها مع العادات والتقاليد اللازمة للطفل العربي، فرسّخت الأخلاق الحميدة والحسنة والقيم النبيلة الى جانب الابتعاد عن العنف.

زرعت فينا “سبيستون” قيماً مخالفة لواقعنا المر الذي نعيشه، فبعد أن بنينا أحلامنا على مبادئ الانسانية والسلام والحب والخير… تفاجأ جيلنا (شباب المستقبل) وصدم بكمية الدمار والحروب والدماء، بسيطرة القوي على الضعيف وغلبة الشر على الخير، هذا الجيل الذي رسم أحلامه بكلمات وأصوات شارات طارق العربي طرقان ورشا رزق، شاهد أحلامه تتكسر وتسيطر الظلمة والبؤس على آماله وأحلامه.

جيل حفظ أسماء جميع كواكب القناة، الى جانب شاراتها التي كانت تحمل معاني وقيماً هادفة. من منا لا يذكر مسلسلات “الكابتن ماجد”، “أنا وأخي”، “هزيم الرعد”، “ماوكلي”، “كونان”، “القناص” وغيرها؟

لم تكن مجرد رسوم متحركة تابعناها فقط، بل لا نزال نذكرها حتى هذه اللحظة لما كانت تحمله من قيم وجمال وبراءة ومثالية وحرية.

تركت “سبيستون” أثراً في جيل كامل من الشباب العربي، وأجبرته على المشاركة في كل لحظة من لحظات الأعمال التي قدمتها. عشنا لحظات الفرح والحزن والمنافسة بكل ما للكلمة من معنى، وتعلمنا دروساً كثيرة من المحتوى التعليمي والأخلاقي الذي قدمته.

لا يمكننا سوى شكر جميع المبدعين والقيّمين على هذه التحف التي تم تقديمها وكانت الحجر الأساس في بناء جيل جديد، في النهاية، كل عام وأنت بخير يا قناة “شباب المستقبل”.

شارك المقال