مساء ٣٠ آذار ١٩٧٧ وفي الـ٤٧ من عمره، رحل “مطرب الثورة”، رحل عبد الحليم حافظ أسطورة الغناء، هذا الشاب الذي شق طريقه بلون جديد وحجز لنفسه مقعدا بين عظماء الفن خلال خمسينيات القرن الماضي. وعلى الرغم من مرور ٤٥ عاما على رحيله لا يزال الإقبال على اغانيه الوطنية والرومانسية يتضاعف، إذ ترك حليم خلفه مخزونا فنيا موسيقيا كبيرا ليشكل حالة استثنائية في التاريخ الفني العربي لن تتكرر.
ولد عبد الحليم حافظ في محافظة الشرقية عام ١٩٢٩، وعاش حياة ريفية بسيطة وكان يتيما اذ توفيت والدته بعد ولادته بأيام قليلة وبعد عام توفي والده، وأصيب بمرض البلهارسيا بسبب سباحته في مياه الترعة وهو صغير فكان السبب الرئيسي لإصابته بتليف الكبد.
في عام ١٩٤٣ التحق بقسم التلحين في المعهد الموسيقي العربي حيث التقى الفنان كمال الطويل، وتمكن من تسجيل أولى اغانيه “لقاء” في الإذاعة المصرية عام ١٩٥١.
كما حققت اغنيته “كامل الأوصاف” نجاحاً جماهيرياً واسعاً وهي من كلمات مجدي نجيب وألحان محمد الموجي واعتبرت فرصته الذهبية لإثبات نفسه. ومنذ ذلك الوقت حققت جميع اغانيه رواجا هائلا حتى آخر اغنية قدمها.
قدم حليم مجموعة من الأغاني العاطفية التي لا تزال تتردد وتسمع في كل يوم وتخلق حالة خاصة وتسعد ملايين المستمعين، فكان أبرزها: على أد الشوق، توبة، مداح القمر، جبار، سواح، جانا الهوى، أول مرة، زي الهوى، حاول تفتكرني، أي دمعة حزن لا، رسالة من تحت الماء، أهواك، أنا لك على طول…
ترافق مع انطلاقة العندليب قيام الثورة المصرية بقيادة الضباط الاحرار وإعلان النظام الجمهوري عام ١٩٥٣، وتبلور فكرة القومية العربية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر وعاصر النكسة وانتصار أكتوبر عام ١٩٧٣، فغنى للثورة وعبد الناصر ولمصر وسيناء وللنصر والوطن العربي، ومن أشهر هذه الأغاني، احنا الشعب، ناصر يا حرية، بستان الاشتراكية، حكاية شعب، يا أهلاً بالمعارك…
لم تقتصر شهرة الأغاني الوطنية التي قدمها على مصر فقط بل امتدت الى كل بلدان العرب من المحيط الى الخليج ورددها عشرات الملايين مثل خلي السلاح صاحي والوطن الأكبر…
وفي السينما للعندليب ١٦ فيلما سينمائيا أشهرها الوسادة الخالية ومعبودة الجماهير وابي فوق الشجرة… ويعتبر عام ١٩٥٥عامه الذهبي اذ عرض له خلالها ٤ أفلام من بطولته نحن الوفاء وأيامنا الحلوة وليالي الحب وأيام وليالي، وشارك كضيف شرف في فيلمي قاضي الغرام وإسماعيل ياسين في البوليس الحربي. وفي الإذاعة، لعب بطولة المسلسل الإذاعي ارجوك لا تفهمني بسرعة وكان برفقة عادل امام ونجلاء فتحي.
الى جانب الغناء والتمثيل قدم العديد من الابتهالات والأدعية الدينية ومنها: أنا من تراب، أدعوك يا سامع، ورحمتك في النسيم، يا خالق الزهر…
جسدت شخصية عبد الحليم حافظ في بعض المسلسلات والأفلام، ففي عام ٢٠٠٦ قدم عماد الدين اديب والمخرج شريف عرفة فيلم روائي بعنوان “حليم” من بطولة النجم المصري أحمد زكي، وظهر محمود العزازي بشخصية عبد الحليم في الفيلم الكوميدي سمير وشهير وبهير، وبعد الإشادة بأدائه جسد الدور مجددا في مسلسل الشحرورة.
اما مسلسل حكاية شعب فقدم الدور الممثل شادي شامل بعد ان فاز بمسابقة على “إم بي سي” للعثور على ممثل شاب يشبه العندليب بصورة كبيرة، وفي مسلسل السندريلا قدم مدحت صالح الشخصية.
ظهر العديد من النجوم والفنانين قبل وبعد حليم لكن أيا منهم لم يترك بصمته كما فعل العندليب الذي وصل إلى مرحلة الأسطورة.