“معك قرش بتسوى قرش”

سهى الدغيدي‎‎

في زمن الماديات حيث طغت المادة على أسمى المشاعر الانسانية من حب وإخاء وترابط ووفاء، تفشت مقولة ”معك قرش بتسوى قرش” بين الناس وأصبحت مسيطرة على تعامل الكثيرين منهم.

في زمن الماديات تقدمت المصالح الشخصية على أي مصلحة أخرى، وأصبح الاحترام والتقدير مقتصرين على أصحاب المال فقط. أما الفقير فصار مهملاً يُنظر إليه بنظرة الشفقة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

هذا للأسف الشديد أصبح الواقع المرير الذي يعاني منه المجتمع العربي، فالكثير من أفراده يتقرب بكل التبجيل والموالاة الى من يملك المال، يتملق، ينافق، يعرض خدماته بكل ذل ليحظى برضى ذوي الجاه علَه يستفيد وينهل من بعض ما عنده.

ويزيد الأمر سوءاً وبشاعة عندما تمتد هذه الظاهرة إلى الأقرباء والأصدقاء والأحباب، فمن يملك المال يتمتع بصحبة ورفقة وخدمة يحرم منها الفقير منهم. وعلى الرغم من أن ذوي الجاه يعلمون بغرض كل من يتقرب إليهم بسبب مالهم، إلا أن بعضهم يتفنن في الاذلال واستغلال الضعف والفقر والحاجة لتحقيق مصالحه الشخصية وإشعار الطرف الآخر بهيمنته وسلطته.

ما أبشعه من شعور ذلك الذي يجبرك على التخلي عن كبريائك وعزتك وكرامتك لتحظى برضى ذوي الجاه والمال. وما أبشعه من تصرف ذلك الذي يجعلك تنسى أقرباءك من الفقراء والمحتاجين وتتخلى عنهم وتقصر بحقوقك عليهم وكل ذنبهم أنهم فقراء لا تنتفع منهم.

هناك قصص كثيرة عن أغنياء تجمع حولهم الأصدقاء والأقرباء والأحباب لمالهم وثرائهم، ثم تخلوا عنهم عندما وصلوا الى الافلاس، وقضوا بقية حياتهم منعزلين فقدوا تقدير من حولهم واحترامهم.

لقد كرّم الله الإنسان وجعل مفاضلته على الخلق بما يملك من دين وأخلاق، وجعل أفضل خلقه يوم الحساب أحسنهم خلقاً، ولكن للأسف الشديد أصبحت فضائل الأخلاق عملة تكاد تكون نادرة لا يعترف بها بعض الناس مقابل المال.

شارك المقال