“القرار” يواصل معركة الوعي المصرية

حسين زياد منصور

أطل المخرج بيتر ميمي والمؤلف هاني سرحان في شهر رمضان بجزء جديد من مسلسل “الاختيار”، حمل هذه المرة عنوان “القرار”. هذا المسلسل الذي أثار ضجة في مصر والعالم العربي منذ عرض الجزء الأول الذي قام ببطولته أمير كرارة مجسداً شخصية أحمد المنسي ضابط الجيش المصري الذي استشهد إثر هجوم إرهابي على كتيبته، والى جانبه أدى أحمد العوضي دور الإرهابي هشام عشماوي. أما الجزء الثاني فحاكى إنجازات رجال الشرطة وكان من بطولة كريم عبد العزيز وأحمد مكي.

هذه المرة يحمل “الاختيار – القرار” رسالة مغايرة عما سبق، اذ يؤرخ أحداثاً قريبة لم تمض عليها سوى سنوات قليلة ولا تزال تثير التساؤلات والجدل حول مسارها منذ وصول الاخوان المسلمين الى حكم مصر حتى ٣ يوليو (تموز) ٢٠١٣.

مشاهد كثيرة معروفة لجميع متابعي المشهد السياسي المصري منذ تنحي الرئيس حسني مبارك حتى عزل الرئيس الراحل محمد مرسي توثق في المسلسل، ولعل أهمها هو ما يتم عرضه للمرة الأولى من خبايا أحداث لم يعرف الجميع تفاصيلها وذلك من خلال مقاطع حية مسجلة بالصوت والصورة الى جانب المشاهد التمثيلية، إضافة الى كون معظم أبطال الأحداث على قيد الحياة.

تدور أحداث المسلسل خلال فترة حكم جماعة الاخوان المسلمين المتمثلة بالرئيس مرسي حتى الاطاحة به من قبل الجيش المصري تلبية لرغبات الشارع عقب تظاهرات مطالبة برحيله، وهي ما تم وصفها بـ “أخطر ٩٦ ساعة في تاريخ مصر”.

يتعرض المسلسل للعديد من الانتقادات منذ عرض البرومو الدعائي حتى عرض الحلقات، اذ تم اتهامه بتزوير الحقائق من جهة، ووصفه بالمسلسل الكوميدي من جهة أخرى، في حين أشاد آخرون بأداء الممثلين والخطوة التي قام بها صنّاع العمل في السعي الى كشف الخبايا والحقائق خلال تلك الفترة.

الى جانب الأجزاء السابقة يقدم القيّمون على العمل دراما سياسية وطنية من أجل إظهار الحقائق للرأي العام المصري، وتندرج هذه الخطوات ضمن معركة الوعي التي تخوضها الدولة المصرية منذ سنوات.

صحيح أن الاعلام يؤثر في المشاهدين، لكن الدراما إن حسن استغلالها تؤثر بشكل أكبر، لذلك لجأ المصريون الى تقديم هذه الأحداث ضمن المسلسلات والأفلام الى جانب توثيق العديد منها بمقاطع فيديو “حقيقية” لتقدم نوعاً فنياً جديداً، فكان نجوم الصف الأول في مصر على موعد مع تقديم هذه الأنواع من المسلسلات (الاختيار ١ و٢، هجمة مرتدة، القاهرة كابول…)، و”الاختيار ٣” الذي يقدمه أحمد السقا وكريم عبد العزيز وأحمد عز، والمفاجأة كانت في ياسر جلال الذي قدم شخصية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو أمر من النادر حصوله في تجسيد أعلى مركز في الدولة وهو لا يزال على قيد الحياة.

فشلت الأعمال الدرامية في تقديم محتوى مشابه كونه لم يتمكن من جذب المشاهد، لكن صنّاع “الاختيار” استغلوا كل الامكانات والعوامل الفنية المتوافرة لنجاح العمل الى جانب تقديمه عملاً وطنياً توثيقياً فكان لهم ما سعوا اليه.

شارك المقال