قانون استقلالية القضاء رهينة الخيارات السياسية

مروى جراح
مروى جراح

قانون استقلالية القضاء في مَهَبّ الريح. النائب بلال عبدالله أشار عبر “تويتر” الى أن هذا القانون “الذي أنجزته لجنة الإدارة والعدل، بالتعاون مع وزارة العدل وقضاتها، ومجلس القضاء الأعلى، ونقابتي المحامين، تم سحبه من الهيئة العامة لمجلس النواب، وطلب مهلة شهر لاعادة الدراسة. انقضى الشهر، والمشروع ذهب ولم يعد… ربما يزعج الكثيرين اصرارنا على الإستقلالية الكاملة”.

يعتبر الكثيرون أن بعض القضاء مُسْتتبع، وبعض القضاء مُرْتَهن أو مُسْتزلَم لخدمةِ الطبقة السياسية، فيما البعض متهاوِن أو مُتراخٍ… وبناء على ذلك وتأسيساً لخط إعادة هيبة الجسم القضائي، أعلن نادي قضاة لبنان في بيانه الأخير أن “دوره وتعبيره يمسي أشد تطلباً عندما يتقهقر الوضع القضائي إلى مستويات غير مسبوقة من دون أي رادع أو مدافع”، مع الإشارة إلى أنه لن يتنازل عن حقه في التعبير المكرَس في جميع المواثيق والعهود التي يلتزم بها لبنان وأنه سيدافع عن حقه هذا بكل صلابة مهما كلّف الأمر.

تبقى العدالة أسيرة خيارات المرجعيات السياسية التي تنفرد بتعيين أتباعها في المراكز الحساسة… ويترجم ذلك بالمماطلة في إقرار قانون استقلالية القضاء (شكلاً ومضموناً) استناداً الى ما أشار اليه مؤخراً رئيس نادي قضاة لبنان القاضي فيصل مكّي من أن “قانون استقلالية القضاء مشوّه شكلاً ومضموناً”… والبرهان على ذلك من خلال المقاربة بين المادة 20 من الدستور اللبناني والمادة 1 من قانون أصول المحاكمات المدنية لتظهر المعادلة “قضاء مستقلاً قانوناً وتابعاً تطبيقاً”. وقانون الاستقلالية القضائية المُطالب به يتمحور حول تشكيل مجلس القضاء الأعلى من قبل القضاة فقط بحيث ينتخب القضاة العدليون أعضاء مجلس القضاء، وحصر إصدار التشكيلة القضائية بمجلس القضاء الأعلى من خلال اعتماد معايير موضوعية لهذه المناقلات مبنية على العلم والكفاءة والنزاهة والتراتبية بعيداً من نظام قائم على الزبائنية وتقاسم الحصص، بحيث أن التشكيلات القضائية تفصّلها الإدارة السياسية بواسطة السلطة التنفيذية التي ترتكب مخالفة بحق مبدأ فصل السلطات، وحصر تعيين القضاة بالمباراة التي يجريها مجلس القضاء بعيداً من تدخل السلطة السياسية.

إن هذه المناحرات بين السياسة والقضاء توّلد ضريبة مدولرة تقع على كاهل أهالي شهداء انفجار مرفأ بيروت أولاً بسبب استغلال الفراغ في الجسم القضائي وخاصةً رؤساء محاكم التمييز… وثانياً على المواطن اللبناني لما نشهده من انهيار الجسم القضائي المكبّل بالقانون والإمكانات والصلاحيات.

الهدف هو بناء دولة قانون وذلك يتحقق من خلال استقلالية القضاء لتكون ركائز هذه الدولة تكريس مبدأ فصل السلطات وتطبيقه وأن الجميع تحت سقف القانون وملزم بالامتثال أمام القضاء عند الاستدعاء من دون الحاجة الى التذرع بحصانة أو نفوذ أو امتياز.

 

 

 

شارك المقال