هل يؤمن اللبنانيون بالانتخابات؟

عبدالرحمن قنديل

بدأ العد العكسي للاستحقاق الانتخابي، وتسابقت اللوائح على اقامة المهرجانات الانتخابية وإطلاق برامجها بمعزل عن الانهيار الاقتصادي الذي لا يزال المواطن يعيش تداعياته حتى الآن. ومن أبرز مميزات موسم الانتخابات النيابية، مهرجانات إعلان اللوائح بحيث يستمع المواطن من خلالها الى البرامج الانتخابية التي تطلقها كل لائحة، لأن هذا الحدث يشكل محطة مفصلية لتبيان توجهات كل منها على حدة. وكل لائحة تطلق شعارات الانقاذ التي تريد من خلالها إثبات قدرتها على تنفيذ الوعود الانتخابية وعلى فعل المستحيل للوصول بالمواطن الى مستقبل أفضل على الصعد الحياتية كافة.

ومن خلال استعراض إمكانات كل لائحة بشكل مفصل إن كان عبر إعلان اللوائح أو الشعارات التي تغزو الشوارع والطرقات في كل موسم انتخابي، يشعر الشعب عموماً والشباب خصوصاً وكأن هذه اللائحة باستطاعتها العبور بالوطن نحو الازدهار وفرص العمل والأمن والأمان، وأن بيدها الحل الانقاذي على الصعيد الاقتصادي وستضرب بيد من حديد الفساد والهدر وتحاسب المتسببين بالانهيار الإقتصادي… بشكل مختصر أن نصبح دولة بكل ما للكلمة من معنى.

وفي الأوقات الحاسمة، تزداد هذه الوعود الانتخابية وتشتد كالقنابل الدخانية من قبل المرشحين الا أنها سرعان ما تتبخر بشكل قياسي ما إن تعلن النتائج.

ولكن بعد التدهور الاقتصادي الذي شهده البلد، ولا يزال يعاني من تداعياته الشعب اللبناني، هل أصبحت هذه الشعارات تمثل للبنانيين أي معنى؟

لا شك في أن تداعيات الانهيار الاقتصادي أصابت اللبنانيين في عمق حياتهم، بحيث باتت أولويتهم الأساسية كيفية الاستمرار على الصعيد اليومي سواء من خلال الكهرباء، الغذاء، تأمين الدواء، تأمين فرص العمل، الأقساط التعليمية… أو أن يكفي ما تبقى من الأجر بالكاد احتياجاتهم الضرورية باعتبار أنها تكمل بعضها البعض.

والمال الانتخابي كان ولا يزال، من “عدة شغل” اللوائح الانتخابية، بحيث شكل هذا العامل مرتكزاً أساسياً لجذب المواطنين واستقطابهم للتصويت خصوصاً منهم الواقعون في خط الفقر، ويكون حديث الناس المتداول الذي يأخذ حيزاً كبيراً من نقاشهم داخل مجالسهم، ولكن الانهيار الاقتصادي وأزمة سعر الصرف وتداعياتها خلقت نوعاً من القلق لدى المواطنين الذين أصبحوا في غالبيتهم تحت خط الفقر من أن يصبحوا كالوعود الانتخابية الافادة منهم مؤقتة ومدتها قابلة للزوال، لذا أصبح التداول في شق المال الانتخابي بين الناس والاهتمام به محدوداً جداً.

بالنسبة الى المجتمع اللبناني، أصبح الحديث عن الانتخابات النيابية عموماً ثانوياً ليس أكثر، لأن هذا الاستحقاق عبارة عن فيلم مكرر بوعود المرشحين وشعاراتهم وبرامجهم، وهذا الاستهزاء نابع من حالة الإحباط العارمة التي أصابت الشعب اللبناني، لعدم ايمانه وثقته بالأحزاب مجتمعة وبوعودها وشعاراتها الموسمية التي اعتاد سماعها. أما بالنسبة الى قوى التغيير فالوضع لا يبشر بالخير لأن اللبنانيين باتوا شبه مقتنعين بأنها هي نفسها ليست موحدة ومفككة وتسعى الى نهش بعضها البعض لطموحات سلطوية ووجودية، حتى أنهم يربطون جزءاً لا بأس به من هذه القوى بالسلطة الحاكمة. ولكن إن حصل هذا التغيير فوهجه لا يقدم ولا يؤخر باعتبار أن كل شيء قد جرّب وأصبحت كلمة انتخابات مجرد لزوم ما لا يلزم وسط الانهيار وتداعياته على الشعب اللبناني.

بعد الانهيار، أصبحت التساؤلات على الشكل التالي: أي انتخابات ستجري في ظل انعدام الحماسة عند غالبية الشعب اللبناني وفقاً للاستطلاعات بسبب الإحباط الناجم عن انعدام الثقة بالمسؤولين والأمل بدولة على مستوى تطلعاتهم؟ وهل يمكن من خلال التغيير ترجمة الوعود الانتخابية الى واقع يلمسه المواطنون أم ستبقى الوعود عبارة عن قنابل دخانية تتبخر بعد صدور النتائج؟

شارك المقال