البحر أكثر أماناً من الوطن!

يارا نصر
يارا نصر

واقعٌ مرعبٌ يحاكي قصص الأفلام المليئة بالوحشية… قصة مواطن يئس من حياته لدرجة أنه اختار التحول إلى جثة محتملة بدلاً من أن يبقى قابعاً في مكان ولادته كجثة متحركة.

على متن قاربٍ صغير حسبه راكبوه طوقهم للنجاة وطريقهم من الجحيم إلى النعيم، أضيفت مأساة انسانية جديدة إلى مأساة المواطن اللبناني، ضحايا سقطوا لثلاث مراتٍ متتالية، الأولى ضحية الفقر واليأس، والثانية ضحية الجوع والعطش، والثالثة فريسة رجلٍ مخادع سرق أموالهم ورمى بقاياهم وليمة لسمكِ البحر.

مساء السبت الماضي، بدأت الأخبار تتوالى عن غرق قارب قبالة الساحل اللبناني الشمالي، ليتبين أنه كان في رحلة هروب غير شرعية، لركاب قدر عددهم بين 60 و75 شخصاً غالبيتهم من الجنسية اللبنانية إضافة إلى عائلات سورية وفلسطينية وبينهم نساء وأطفال. وبسبب تسرب المياه والحمولة الزائدة وأحوال الطقس تعرض المركب للغرق، فيما ذكر بعض الناجبن أن خفر السواحل اللبنانية اعترض رحلتهم قبل غرق القارب، وأن الموج لم يكن عالياً والرياح لم تكن شديدة.

وفي وقت لاحق، شرح قائد القوات البحرية في الجيش العقيد الركن هيثم ضناوي في مؤتمر صحافي، ملابسات غرق قارب الموت، مؤكداً أنه صناعة العام ١٩٧٤ وصغير جداً يسمح بصعود ١٠ أشخاص على متنه فقط، وسبب غرقه الحمولة الزائدة، ولولا وجود عناصر الجيش بالقرب منه لكان عدد الضحايا أكبر. وأشار الى أن العناصر قامت بواجبها وأنقذت العدد الأكبر من الركاب.

وفي ميناء طرابلس، انتظر أقارب المفقودين بفارغ الصبر أخباراً عن أحبائهم، فيما سمح الجيش لسيارات الاسعاف التابعة للصليب الأحمر اللبناني بالدخول والمغادرة فقط. وفي حين أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الاثنين يوم حداد رسمي على ضحايا المركب، أسف وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية للفاجعة الكبرى التي أصابت لبنان بأكمله، فيما دعا وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار، الى تقديم كل ما يلزم من مساعدات لعائلات الضحايا.

تتفاقم ظاهرة الهجرة غير النظامية في لبنان يوماً بعد يوم جراء المأساةٍ التي يعيشها المواطن اللبناني عله يجد لنفسه بصيص أمل يأخذه وعائلته إلى حياة كريمة بعيدة كل البعد عن الذل، الخوف، والمعاناة. فلا أحد يضع أولاده في قوارب الموت إلا اذا كان البحر أكثر أماناً من الوطن.

شارك المقال