حُب السلطة… والمال

سهى الدغيدي‎‎

الانسان حين يحصل على السلطة، يمكن أن يتغير عمّا كان عليه، فيُصبح عنيفاً، متعالياً أو متكبراً، متضخم الذات، لا تعنيه حقوق الناس بشيء، وقد يفقد أخلاقه وإنسانيته. وهذا الصنف من الناس يغلب عليه حب الدنيا والتمسك بملذاتها، فما أن يصل إلى السلطة ويصبح له كنز من الأموال بأية طريقة كانت، حتى يتنكّر لمبادئه وإنسانيته، ولا يعترف بحقوق أقرب الناس إليه.

من الغريب حقاً أن نلحظ فرقاً شاسعاً لدى هؤلاء البشر قبل تسلّمهم السلطة وبعدها، إنهم يتغيرون كأنهم أناس من نوع آخر تماماً، فيتنمّرون على الجميع، القريب منهم والغريب، الصديق منهم والعدو، لأن معادلة الصداقة لديهم يحكمها مبدأ المنفعة والتأييد، إذا كنت تؤيّدني وتنفعني فأنت صديقي حتى لو كنت تكرهني في أعماقك، ومعظم طغاة السلطة مكروه في الخفاء محبوب في العلن.

هذا النوع من عشاق السلطة والمال وملذات الدنيا المختلفة، غالباً ما ينتهي بهم المآل إلى ما لا تحمَد عقباه، فيفقدون مكانتهم بين الناس، وحتى من يُظهر لهم المحبة والتأييد فهو مجبر على ذلك، أو يتبادل معهم المصلحة بالمصلحة، فيدعم صاحب السلطة ليس لأنه عادل أو كريم أو منصف، وإنما لأنه يغدق عليه أموالاً ومنافع أخرى، وبمجرد غياب هذه المصلحة تنتهي المحبة ويزول التأييد.

لكن هذا لا يعني عدم وجود النموذج المناقض لهم، نعم هناك من يفوز بالسلطة وبكل امتيازاتها ومغرياتها، لكنها لا تهزّ شعرة من رأسه، ولا تغيّره قيد أنملة، بل يزداد ثباتاً على مبادئه وأخلاقياته وقيمه التي يؤمن بها. فهذا النوع من الأشخاص لا تغريه السلطة، ولا تسحبه الأموال إلى خديعتها، إنهم أصحاب نفوس عظيمة، وقلوب صادقة وأخلاق ثابتة ومبادئ لا يهزّها المنصب أو المال أو الكلام المعسول.

المسؤولون الحكوميون غالباً ما يتعرضون لهذا النوع من الاختبار، وينقسمون إلى قسمين، الأول هو من يُغرَم بالسلطة والمال مدفوعاً بتمسكه بالدنيا، والثاني هو النوع الذي لا تغرّه السلطة ولا منافعها ولا أموال الدنيا وملذاتها كلّها، فأخلاقه قبل السلطة وبعدها تبقى نفسها، وأفعاله كذلك، ومحبته وعلاقاته بالناس لا تتغير لأنه صار صاحب أموال أو سلطة.

فمن تفسده السلطة، وتسقطه الأموال، سوف يسقط في الدارين ولا أمل له بالنجاة من يوم الحساب، أما من يتفوق على نفسه وعلى دنياه وعلى السلطة والمال، فهو الذي سيفوز بحسن المآل.

 

 

 

 

شارك المقال