جنون البندورة… فنون!

يارا نصر
يارا نصر

لا قاع للأزمات الطاحنة التي تعصف بلبنان، فالاقتصاد اللبناني في حالة “غيبوبة” وكل من القطاعات الاقتصادية والزراعية على مشارف أن تسلم للموت. ومع تعاظم الهم المعيشي وتحليق أسعار المحروقات دق الغلاء باب الخضار والفاكهة التي باتت من المحرمات بعد اللحوم والدجاج، وتتقلب أسعارها لتزيد من هموم المواطن اللبناني الغارق في لهيب الأزمة الاقتصادية الخانقة.

جولة سريعة على بعض المحال كفيلة بإدهاشك، اذ أن كيلوغرام الخيار بلغ ٤٥ ألف ليرة واللوبياء ١٢٠ ألف ليرة أما البندورة فقد وصل سعر الكيلو منها ٤٣ ألفاً بالجملة، أما بالمفرق فتتجاوز في بعض الأماكن الـ ٧٠ ألف ليرة.

العوامل المؤثرة على الزراعة

ومن العوامل التي توثر على ارتفاع الأسعار الزيادة المستمرة في كلفة الإنتاج، بحسب ما أوضح رئيس جمعية المزارعين اللبنانين أنطوان الحويك، مشيراً الى أن كلفة المستلزمات الزراعية والبذور والأسمدة أصبحت عالية جداً إضافة الى ارتفاع أسعار أدوية الرش ومكافحة الحشرات وصولاً الى أسعار المحروقات. وأكد أن ما أدى الى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني هو تراجع الانتاج الزراعي في هذا العام الى النصف، وذلك بسبب عدم قدرة بعض المزارعين على زرع المواسم جراء الأزمة الاقتصادية التي يمر بها البلد، وبذلك تكون أراضي البور قد توسعت وانخفض العرض في الأسواق اللبنانية.

أضاف: “ان الظروف المناخية الصعبة التي مرت ضربت العديد من المشاريع الزراعية والمزروعات، فموجة الصقيع قضت على نصف الإنتاج اللبناني. إضافة الى أن الأزمة الإقتصادية في سوريا انعكست سلباً وأدت الى تراجع الاستيراد، بحيث كان من المفترض استيراد بعض السلع مثل البندورة والباذنجان، وبذلك تكون أسعارها متدنية عن الإنتاج المحلّي، وهو عامل أساس لارتفاع سعرها”. وتوقع المزيد من الإرتفاع في الأسعار مع قدوم فصل الصيف مقارنةً بالسّنة الماضية وخاصة إذا كانت كمية الإنتاج قليلة وأسعار المحروقات ارتفعت إلى ما هي عليه الآن.

الغلاء مرتبط بالدولار

وعزا أحد المزارعين في الشوف سبب الإرتفاع الكبير في أسعار الخضار والفاكهة في الآونة الأخيرة إلى الحرمان الذي يتعرض له هذا القطاع، فلا دعم للبذور والشتول والأسمدة، والمزارع البسيط لا يجرؤ على أن يدفع على الدونم لزرعه، كما أنّ تعويض تكاليف محاصيله قد لا يكون مضموناً. وبسبب عدم دعم المزارع تراجع كثيراً هذا القطاع من 30% إلى 60%. كما أنّ الناتج المحلّي لا يعطي إلّا 40% من حاجة الأسواق اللّبنانية.

كما أشار إلى أنّه كتاجر لبناني فان 2 الى 5 بالمئة من بضاعته مستوردة وتقتصر على المنتجات المفقودة، وذلك لأنّ المستورد ليس بإمكانه المنافسة اليوم، فالمنتجات اللبنانية هي الأرخص عالميّاً في ظل الإنهيار الحاصل في البلد، وبذلك لم يعد هناك إمكان أن ينافسك أحد على صعيد المناطق.

إضافة إلى ذلك هناك عوامل قديمة وأخرى تفاقمت بعد الإنهيار ثم تطورت وتسارعت وتيرتها. وقال: “نحن كمزارعين طلبنا من المعنيين أن يدعموا المستلزمات الزراعية بقيمة 150 مليون دولار لأن ذلك يساهم في إنتاجات زراعية قيمتها حوالي مليار دولار ولكننا مثل باقي القطاعات لم نحصل على جواب من المعنيين. في ظل العوامل القديمة والجديدة، صغرت المساحات المزروعة بنسبة ٤٠ بالمئة ما انعكس سلباً على حركة الطلب والعرض وارتفاع الأسعار”.

حلول لمواجهة ارتفاع الأسعار

في فصل الصيف سيحدث تذبذب في زيادة أسعار البندورة مجدداً نظراً الى ارتفاع درجات الحرارة. وهنا بعض الحلول التي تخفف من وطأة الأسعار على الشعب اللبناني، ومنها أن من الضروري في عروات الصقيع توفير خيم خاصة مستوردة أو محلية لديها القدرة على تحمل درجات الحرارة العالية والمنخفضة لتغطي المحصول بشكل جيد، ولكن للأسف أسعارها مرتفعة، لذلك نجد صغار المزارعين يرفضون الزراعة في هذه الخيم ولا يستطيعون الإنفاق عليها.

كما يكمن الحل في القضاء على زيادة سعر البندورة في أن يقوم مهندسو البساتين ومديريات الزراعة بتغطية المساحات المختلفة في المحافظات والأقاليم، ودعم استيراد البندورة في الفترات التي لا تتوافر فيها في الأسواق، ويمكن تجفيفها ومن ثم تصديرها مجففة.

على الدولة أن تفسح المجال أمام المزارع وتدعمه بطريقة غير مباشرة وخاصة المزارعون الذين يعتاشون من بيع محاصيلهم لإعالة عوائلهم. وبالتالي إذا لم تستجب الدولة لنداء هؤلاء المساكين، وبقي الحال على ما هو عليه من دون رقابة فسيكون ذلك بمثابة كارثة على المزارعين عامة وعلى المواطنين خاصة الذين لن يعود بإمكانهم تأمين أبسط ضرورياتهم وستغدو حياتهم أشبه بمن يعيش من قلة الموت!

شارك المقال