الزواج المدني سجال قديم بزخم جديد

سهى الدغيدي‎‎

يبدو “نواب الثورة” وكأنهم ألقوا بحجر كبير في بحيرة راكدة، منذ حلقة “صار الوقت” مع مارسيل غانم الخميس الماضي، بالاعلان عن نيتهم فتح الباب لحوار جدي في ملف الزواج المدني، مع كل المرجعيات اللبنانية، حتى يعترف بهذا الزواج.

والجدل بشأن تلك القضية ليس جديداً على اللبنانيين، لكن الجديد هذه المرة، هو أن الحديث جاء على لسان نواب جدد ما أعطاه كل هذا الزخم. ويواجه الزواج المدني منذ زمن طويل، برفض قاطع من رجال الدين، في بلد تعيش فيه حوالي 18 طائفة، لكل منها قوانينها ومحاكمها الخاصة.

وفي ظل غياب قانون موحد للأحوال الشخصية في لبنان، في ما يتعلق بالزواج والطلاق وحضانة الأطفال وغيرها، فإن التعامل مع كل تلك القضايا الشخصية، يتم عبر المحاكم الدينية التابعة لكل طائفة مثل المحكمة الشرعية أو الجعفرية أو المحاكم الدرزية والكنسية.

وعادة ما يلجأ اللبنانيون الراغبون في إتمام الزواج المدني، إلى قبرص واليونان، إذ أن القانون اللبناني لا يجيزه داخل البلاد، لكنه يعترف به في حالة إتمامه خارج الأراضي اللبنانية.

وتماشياً مع موقفها المعروف منذ طرح قضية الزواج المدني قبل سنوات، ردت دار الفتوى بصورة سريعة ومباشرة، من خلال مكتبها الإعلامي، في بيان على صفحته عبر “فيسبوك” بالتأكيد على موقف مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ودار الفتوى والمجلس الشرعي ومجلس المفتين، الذي لم يتغيّر. وشدد المكتب على أن “(الموقف) معروف منذ سنوات في الرفض المطلق، لمشروع الزواج المدني في لبنان ومعارضته لأنه يخالف أحكام الشريعة الاسلامية السمحاء جملة وتفصيلاً من ألفه إلى يائه، ويخالف أيضاً أحكام الدستور اللبناني في ما يتعلق بوجوب احترام الأحوال الشخصية المعمول به في المحاكم الدينية العائدة للبنانيين في المادة التاسعة منه، وبالتالي لا يمكن إقراره في المجلس النيابي من دون أخذ رأي وموقف دار الفتوى وسائر المرجعيات الدينية في لبنان”.

ويعود طرح فكرة الزواج المدني في لبنان للمرة الأولى إلى العام 1951 في مجلس النواب لكنه رفض، ليعود مجلس الوزراء في العام 1999 الى مناقشة مشروع القانون، وتتم الموافقة عليه بالغالبية إلا أنه لم يعرض ساعتها على البرلمان لتصديقه.

وعلى الرغم من المعارضة التي قوبل بها حديث النواب، عن الزواج المدني من السلطة الدينية في البلاد، إلا أنهم لقوا تأييداً من العديد من المواطنين اللبنانيين، الذين اعتبروا أن طرحهم يتسم بالشجاعة والمباشرة، وأن المعترضين على تشريع الزواج المدني في لبنان، هم كمن يدفنون رؤوسهم في الرمال، أو ينكرون الحقيقة في ظل وجود أعداد كبيرة من اللبنانيين، الذين يتمّون زواجهم المدني في قبرص أو اليونان ومن ثم يعترف به داخل لبنان.

شارك المقال