المعركة النيابية الأولى: سقوط شعارات التوافق

حسين زياد منصور

إقتحم النواب الجدد والقدامى المجلس النيابي بعد غياب طال سنتين عقب اعتماد قصر “الأونيسكو” مقرا للنواب لتأدية واجباتهم وعقد اجتماعاتهم بسبب جائحة كورونا. أطل نواب التغيير وخلفهم بعض أهالي شهداء انفجار ٤ آب في مسيرة استعراضية، للتأكيد على عدم نسيانهم ما جرى.

ومن النواب من وصل الى المجلس بسيارته فلفت الأنظار كالنائب نبيل بدر بسيارة “البورش” أو النائب بلال عبد الله بسيارته الصغيرة “سمارت”، فيما أطل النائب كميل شمعون بسيارة جده الرئيس الراحل كميل شمعون التي تحمل الرقم 1000.

كان عنوان الجلسة المتعارف عليه هو انتخاب رئيس للمجلس ونائبه، اما “القوات” وحلفاؤها الى جانب بعض النواب “التغييريين” فهدفهم كان “كسر” الرئيس نبيه بري وعدم نجاحه في الدورة الأولى كونه المرشح الوحيد لتولي المنصب.

جدد النواب البيعة لبري بـ ٦٥ صوتاً، وهو أقل عدد أصوات حصل عليه منذ توليه المنصب في العام ١٩٩٢، وبعدد الأصوات نفسه فاز النائب الياس بو صعب بمنصب نائب الرئيس بعد منافسة شرسة مع النائب غسان سكاف والتي حسمت لمصلحة بو صعب في الجولة الثانية، وبذلك تمكن “حزب الله” وحلفاؤه من فرض السيطرة على المجلس رئيساً ونائباً وغالبية هيئة مكتب المجلس. فيما أظهر وصول بو صعب سقوط الأكثرية الوهمية لـ”القوات” وحلفائها اضافة الى نواب التغيير.

٢٣ ورقة بيضاء و٤٠ ملغاة، كانت السبب في حالة هرج ومرج في الجلسة الأولى للمجلس النيابي، بعد الامتناع عن قراءة العبارات المكتوبة وسط اعتراض عدد من النواب أبرزهم بولا يعقوبيان التي كانت لها حصة من كلام بري القاسي: “ما هي هيئة عامة… حاج تتفلسفي عليي”.

وعلى الرغم من بقاء بري وحصوله على ٦٥ صوتاً وهو عدد الأصوات الأقل الذي يحصل عليه، الا أن ذلك يؤكد سقوط شعارات التوافق والوحدة الوطنية التي كان نتاجها سابقاً حصوله على ما يفوق الـ ٩٠ صوتاً من أصل ١٢٨.

يظهر أن برلمان ٢٠٢٢ لن يكون كغيره من البرلمانات السابقة، بل عبارة عن تجمعات سياسية متناقضة في ما بينها مع دخول “التغييريين” الى جانب بعض الشخصيات المستقلة ذات الخلفية السياسية، على الرغم من المسؤوليات والتحديات الكثيرة التي تنتظر البرلمان الجديد من إقرار مشاريع قوانين ملحة يشترطها صندوق النقد الدولي لانتشال لبنان من المستنقع الذي غرق فيه، وهذه الأزمة التي صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام ١٨٥٠.

انتهت المعركة الأولى، بانتظار باقي جولات المجلس التي تستكمل بانتخاب اللجان الأسبوع المقبل. أما المعركة الأهم فهي الاستشارات النيابية واختيار رئيس حكومة قادر على وقف النزيف الاجتماعي والاقتصادي.

شارك المقال