الموسيقى عالم اللاحدود… وجه لبنان الحضاري والثقافي

لوتشيانا سعود

منذ العام ١٩٨٢ انطلق عيد الموسيقى مع وزير الثقافة الفرنسي جاك لانغ، وتحول العيد إلى مهرجان عالمي اعتمدته دول عدة من بينها لبنان، حيث تجتاح الموسيقى العالم في ٢١ حزيران من كل عام. واعتاد المركز الفرنسي في لبنان أن يحيي فعاليات العيد إلا أنه بسبب جائحة كورونا تأثرت الحفلات سلباً لتعود هذه السنة حاملة الطابع اللبناني التراثي لإلقاء الضوء عليه، فينظم المركز بالتعاون مع وزارة الثقافة ١٨ حفلة موزعة على ١٣ موقعاً أثرياً على جميع الأراضي اللبنانية.

بدأت الاحتفالات في ١٧ حزيران في قرى عدة منها النبطية ودير القمر وستستمر حتى ٢٥ حزيران. الموسيقى تتعدى الفنون لتصل إلى صحة الانسان، إذ أن الأبحاث بيّنت أنها تساعد مصابي الألزهايمر وأنواع أخرى من الخرف بفوائد عاطفية وسلوكية، إذ يتم الإحتفاظ غالباً بالذكريات الموسيقية لأن مناطق الدماغ الرئيسة المرتبطة بالذاكرة الموسيقية لا تكون قد تضررت نسبياً، لذا تساعد الموسيقى المصاب على تنشيط هذه المناطق واسترجاع بعض الذكريات.

تساهم الموسيقى أيضاً بحسب دراسات أجريت منها في العام ٢٠٠٨ و٢٠١٣ في خفض إرتفاع ضغط الدم في الجسم، ويساعد سماع السيمفونيات بإنتظام على الوقاية من أمراض القلب، ليس ذلك فحسب، بل تخفف الموسيقى القلق والإرتباك، كما أنها من الوسائل التي تخفض الضغط النفسي، إذ أنه بحسب الـ “musicotherapie” الموسيقى الهادئة والبطيئة تُخفض الـ cortisol وهو هورمون الـ stress فتساهم في السيطرة على النفس.

الموسيقى عالم لا حدود له يعطي السعادة والسلام الداخلي، وما أحوج اللبناني اليه. وكان لموقع “لبنان الكبير” حديث مع نقيب محترفي الموسيقى والفن في لبنان فريد أبو سعيد الذي تمنى بايجابية “أن يعود الحال الى سابق عهده بعودة مهرجان عيد الموسيقى الخاص بالنقابة والذي كان ملفتاً في العامين ٢٠١٨ و٢٠١٩. واليوم يغيب تنظيم المهرجان بسبب آثار الأزمات التي مرّ بها لبنان منذ نهاية ٢٠١٩، فتكبد قطاع السياحة عبئاً كبيراً ما أثر على الموسيقيين”. وأشار الى “معاناة الموسيقي اللبناني اليوم وصعوبة استحصاله على جواز السفر وتأخير المواعيد والمعاملات خصوصاً أن العديد من الموسيقيين متعاقدون مع فنانين لحفلات خارج البلاد تمكنهم من الاستمرار وجني العملة الصعبة”.

وأكد أن “النقابة تعمل جاهدة مع وزير الثقافة الرجل النشيط، لإنجاز تحسينات قدر المستطاع”، لافتاً الى دور النقابة في تأمين إستشفاء الفنانين والموسيقيين من خلال صندوق التعاضد الخاص بالفنانين، “الذي يضم ثماني نقابات ويموّل من خلال جباية الـ ١٠ بالمئة عن كل تعاقد فني لأي فنان أو ممثل أجنبى عن عمل في لبنان”. وأمل “الوصول الى يوم يدخل فيه حيز التنفيذ نظام تقاعد الموسيقى، الذي يؤمن معاش تعاقد لكل منتسب”، إلكنه اعتبر أن “الأمر في هذه الظروف متعذر”.

وعن دور معهد الموسيقى العالي، كان لموقع “لبنان الكبير” حديث مع مديرة المعهد الجديدة هبة القواس المؤمنة بأدوار الموسيقى، “الصيغة الإبداعية العابرة للحدود”، بحسب وصفها. وقالت إحتفالاً بعيد الموسيقى: “ان المعهد العالي هو الوجه الحضاري والهوية الحقيقية للبنان، فخلال الأزمة الراهنة واجب على الموسيقيين والفنانين والإعلام وصولاً الى المؤسسات والمسؤولين التعاون للمحافظة عليه وتحييده عن الإنهيار الحاصل”.

أضافت: “ان المعهد لا يزال يستقطب الطلاب والموهوبين، فحتى شهر تشرين تستمر عملية التسجيل. وهناك عوامل عدة منها التعلم عن بعد والانهيار المالي خَلّفت عثرات، إنما المعهد حتى اليوم يضم حوالي ستة آلاف طالب”.

وعن الاعتمادات المخصصة للمعهد وهو مؤسسة مستقلة إدارياً ومعنوياً ومادياً عن سلطة الوصاية وهي وزارة الثقافة، أوضحت أن “الموازنات الضخمة السابقة قبل انهيار العملة لم تكن تكفي إعتماداتها المخصصة للمعهد، لأن معظمها يُصرف على الأجور والإيجار ما لا يوفر مجالاً للتطور والعمل على نشاطات إضافية فما بالنا بالوضع اليوم؟”، معولة على الموازنات الجديدة.

وذكرت بأن “حضارات لبنان تفوق الـ ٦٠٠٠ سنة، وللحفاظ على هذا الإرث لا بد من التنبه الى قطاع الثقافة ووجوب الإستثمار فيه”.

أما عن الهبات، فأشارت الى أن “الأمور تتم عملياً على سبيل التعاون، فالتمويل يكون لقاء خدمات معلومة أو معرفة يقدمها الموسيقيون”، مؤكدة أن “المعهد بسياسته يسعى الى التعاون مع مؤسسات وجهات حكومية داخلية وخارجية وليس الحصول على هبات لأنها طريقة بنّاءة ومناسبة للحفاظ على القيمة الفنية الموجودة والمقدمة”.

وأعلنت عن مفاجأة بمناسبة اليوم العالمي للموسيقى خلال هذا الأسبوع من قبل الكونسرفاتوار الوطني، وستكون مساهمته غير محصورة بمنطقة لبنانية واحدة.

شارك المقال