“بلا ولا شي”… موسم سياحي واعد

حسين زياد منصور

شكل لبنان على مدار السنوات الماضية مقصداً للسياح العرب والأجانب، ان كان قبل الحرب الأهلية التي دمرته عن بكرة ابيه، أو حتى بعدها إثر مجيء الرئيس الشهيد رفيق الحريري والاستقرار الأمني والسياسي الذي عاشه لبنان خلال تلك الفترة وشكل عنصراً أساسياً لجذب السياح.

قبل العام ٢٠١٩، وعلى الرغم من بعض التشنجات والتوترات السياسية بقي لبنان قبلة لأشقائه العرب وغيرهم من أوروبيين أو أميركيين لقضاء عطلهم فيه لما يتميز به من مقومات سياحية عديدة.

منذ أسابيع قليلة أطلق وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار، الموسم السياحي تحت شعار “أهلا بالهطلة” وتوقع للبنانيين أن يكون واعداً، بعد ثلاث سنوات على تفجر الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الى جانب تداعيات أزمة كورونا.

واليوم بعد بروز ملامح الموسم السياحي الواعد، يرى الأمين العام لاتحادات النقابات السياحية جان بيروتي أن “هناك عوامل أساسية لهذا الحضور، أهمها السبب الاجتماعي، كعودة نسبة كبيرة من المغتربين اللبنانيين الذين تركوا البلاد في وقت سابق للعمل في الخارج من أجل قضاء الأعياد والعطلة الصيفية الى جانب عائلاتهم، ومجيء من لم يتمكن من الحضور خلال السنتين الماضيتين بسبب فيروس كورونا لرؤية الأهل، والأعراس التي تحصل اليوم خاصة بعد غياب سنتين، فتتم دعوة الأصحاب، خصوصاً من يعيش في أوروبا. الى جانب ذلك الرخص الموجود في لبنان اليوم مقارنة بالماضي، فعلى سبيل المثال كانت النرجيلة تساوي ١٠ دولارات، اما اليوم فتساوي ٣ أو ٤ دولارات”.

ويؤكد بيروتي لموقع “لبنان الكبير” أن “كل هذه العوامل تخلق الحركة التي نعيشها”، معتبراً أن “المشكلة هي ما بعد ١٥ آب، فيجب أن نعمل بدءاً من اليوم لفصل الربيع المقبل، من خلال تنشيط السياحة الأوروبية وإيجاد العديد من الأسواق التي من الممكن أن تأتي الى لبنان كي نكون مقصداً أساسياً لهذه الدول. فالعمل على استمرارية الموسم السياحي حتى الربيع صعب فقد فاتنا القطار، ويجب أن يكون العمل من أجل الموسم في الربيع، وهذه وظيفة المجلس الوطني لإنماء السياحة الذي قام الوزير بإعادة تفعيله ويجب ضخ دماء جديدة فيه من اجل أن يقدم النتائج المرجوة”.

ويشير الى أن “الفورة الاقتصادية اليوم جعلت مستوى الدخل لدى العاملين الجدد في القطاع السياحي عالياً، والذين تم تدريبهم وتجهيزهم واستحداثهم بدلاء عن الذين غادروا، وعند توقف الموسم ستنهار مداخيلهم وسيصبح مصيرهم الهجرة والسفر، وهذا هو الأمر المرعب والمخيف في هذا النطاق”.

ويضيف: “اليوم بعد ثلاث سنوات من الأزمة الاقتصادية لا توجد دورة اقتصادية والدولة والاقتصاد يتحللان، فجميع القطاعات منتجة باستثناء القطاع المصرفي، إذ لا تضخ الأموال في الاقتصاد، بل يتم إخفاؤها وحفظها، مثلاً اليوم من يملك المال لا يضعه في المصرف أو يستثمره في مشاريع منتجة بل يحفظه في منزله أو يرسله الى الخارج، وهو ما يشكل عبئاً على الاقتصاد الوطني وضغطاً على الليرة اللبنانية من خلال تحويله الى دولار”.

وعن أعداد الوافدين، يقول بيروتي: “اليوم ننتظر دخول ما يقارب المليون ومئتي ألف شخص،٧٠٪ منهم من أصل لبناني، و٣٠٪ من جنسيات متفرقة، وهي مجموع الطائرة التي تأتي كل يوم مع عدد الوافدين، وسجل مطار رفيق الحريري الدولي رقماً قياسياً في السابع من هذا الشهر في أعداد الوافدين الى لبنان”.

ويؤكد بيروتي أن المشكلات السياسية لم تشكل عائقاً، بل على العكس يصف المشهد بالاستقرار السياسي والأمني الذي ساعد في جذب الحجوزات في وقت مبكر في ظل الأسعار الرخيصة التي ساهمت في انماء السياحة، معتبراً أن “اللبناني ينعم اليوم باستقرار أمني وسياسي، فعلى الرغم من كل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها لم نشهد عمليات سرقة ونشل واغتصاب وخطف، وإن وجدت فبنسب ضئيلة جداً”.

ويلفت بيروتي الى وجود رحلات منظمة الى تركيا وغيرها للبنانيين “فإذا كنا ننتظر دخول ما يقارب الـ ٣ مليارات دولار، من المتوقع أن يصرف اللبنانيون المسافرون بحدود المليار أو أكثر بقليل”.

ويختم: “يجب أن نهنئ أنفسنا على ذلك، فكيف لبلد لا كهرباء فيه ولا مياه وينعم بهذا الواقع السياحي؟”.

شارك المقال