بين بعلبك وتاريخنا.. علاقة حب وأكثر

هبة صلح
هبة صلح

بين سلسلتي جبال لبنان، تتهادى الشمس ضاحكة مشرقة ثم تتوقـف عندما تقابـل بعلبـك لتنظر بإعجاب إلى المدينة الخالدة، التي سميت مدينة الشمس منذ آلاف السنين.
فبعلبـك هي المدينة العريقة التي تتصل بحـضـارة الفينيقيين، الذين أقاموها على اسـم الإله “بعل” إله المطر والرياح والصواعق… كما تتصل بحضارة الرومان، الذين جعلوها من أهم المراكز الدينية.
توالت الحـضارات والشـعـوب وبقـيـت قـلعة بعلبـك شـاهدة على تلك الحـضارات، بـفخامتها وهندستها، وارتفاع أعمدتها… بالرغم من أنها أصيبت بكوارث طبيعية، فتهدم قسـم كـبـيـر منها، وبقـي ما عصي على عوامل الطبيعة والحروب المتوالية.
في قلعة بعلبك ثلاثة معابد: هي معبـد “جوبيتر” إله الآلهة، الذي لا يزال قـائماً بـأعمدته السـتة الباقية، ومعبد “فينوس” الذي تهدم وأعيد بناؤه من جديد، ومعبد “باخوس” الذي حـافظ على أناقـة نقوشـه وارتفاع جدرانه.
ندخل القلعة من نفق طويل مظلم، بني بحجارة ضخمة، ينتهي إلى فسحة واسعة، تقابلنا فيها أدراج عريضة من الحجر الأبيض، كأنها تستقبل الزائرين مفتوحة الذراعين باشّة مرحبة.
وتنتشر هنا وهناك حجارة سقطت من سقـف البـناء أو من الجدران العالية، لا يزال النقـش ظاهراً فيها.
يأتي السـياح إلى بعلبـك من مختلف إنحـاء الدنيا، لينظروا إلى قـلعتها الجميلة ويعجبـوا من هذا البـنـاء الذي صمد على مر الأجيال، والذي يعتبـر من عجائب الدنيا السبع. واشتهرت المدينة بإقامة العديد من المهرجانات والاحتفالات التي استضافت أهم النجوم اللبنانيين والعرب والأجانب.
ويتميز المطبخ البعلبكي بتنوعه: الشيش برك، كبة حيلة سواء بلبن أو بخلّ، السفسوف، كشكية العدس، كبة اليقطين، الصفيحة البعلبكية، فطائر القمبريس أو الحر… هذه بعض الأكلات التي يزخر بها المطبخ ولا تخلو موائد البقاعيين منها صيفاً وشتاءً، لكونها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من التراث الذي يحافظون عليه.

وتتميز بالدبكة التي هي رقصة فولكلورية شعبية منتشرة على مساحة الوطن كله، وهي تمثل التراث الفلكلوري لبعلبك. تمارس غالباً في المهرجانات والاحتفالات والأعراس. تتكون فرقة الدبكة من مجموعة تزيد عادة عن عشرة أشخاص، يدعون دبيكة وعازف اليرغول أو الشبابة والطبلة.

أما عن المواقع المهمة في بعلبك، فمنها:
“مغر الطحين”: اسم أطلقه السكان المحليون في بعلبك على أقدم المواقع المنطقة، وربما في لبنان، وقد استعادت التسمية اسم نوع من الصخور الكلسية البيضاء التي تتكون منها الكهوف المعروفة بمغر الطحين. عند تفتتها تشبه دقيق القمح الطحين. وهو في وسط منطقة الشراونة شمال مدينة بعلبك. ويعتبر موقعاً أثرياً تاريخياً مهماً، إذ إنه الوحيد، الذي يؤكد أن هذه البقعة من الأرض كانت مأهولة منذ آلاف السنين، فيما كان يعرف بالقرى الصوانية.
“حجر الحبلى”: يعد أكبر حجر منحوت في العالم، إذ يبلغ طوله 20 متراً وعرضه 4 أمتار أما سماكته فهي 4 أمتار ووزنه 1,615 طن. يقع هذا الحجر عند المدخل الشرقي لمدينة بعلبك، حيث كان الرومان قديماً يقتلعون الحجارة الضخمة ويعملون على نحتها من أجل تشييد القلعة.
“الجامع الأموي”: أحد أهمّ المعالم التاريخية الدينية في منطقة البقاع، ومن أقدم وأكبر مساجد مدينة بعلبك. هو من المواقع الأثرية النادرة، التي تعود إلى الفترة الأموية في لبنان. يتميز هذا المسجد ببنائه وتصميمه الذي يجمع بين الفن البيزنطي والعمارة الإسلامية.
بعلبك جزء جميل موغل في التاريخ يزيد سحراً على الوطن الكبير.

كلمات البحث
شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً