لا أم حاضنة لجامعة الوطن

جاد فياض
جاد فياض

لم يستثنِ التدمير الممنهج الذي يصيب مختلف المؤسسات الصناعية والتجارية والخدماتية القطاع التربوي، فهو كغيره يتداعى تحت وطأة الظروف الصعبة التي فرضها الانهيار الاقتصادي، ويكافح في سبيل الاستمرار في تأدية الواجب الأسمى، وتحصين أجيال المستقبل من الجهل القاتم، ولو بالحد الأدنى.

عصف هواء الأزمات المتعاقبة بالصروح التربوية، وبينها جامعة الوطن، الجامعة اللبنانية، فأنهكها. تضم “اللبنانية” أكثر من 80 ألف طالبٍ لا قدرة لهم على تحمّل عبء نفقات الجامعات الخاصة، وهذا الرقم مرشّح للارتفاع مع استمرار الشلل السياسي والانهيار الاقتصادي، وبالتالي، العمل للحفاظ على الجامعة كركنٍ أساسي ضمن أركان مؤسسات الدولة ضرورة قصوى، وإلّا نتائج كارثية ستترتب على المجتمع والوطن على حدٍ سواء.

في هذا السياق، يشير مسؤول ملف التعليم العالي في الحزب التقدمي الاشتراكي وأستاذ الدراسات العليا في كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية وليد صافي إلى مشكلتين أساسيتَين تعاني منهما الجامعة وأساتذتها، “فالجامعة من جهة فقدت القدرة على تأمين المستلزمات الرئيسية والتشغيلية بسبب تراجع قيمة سعر الصرف وبالتالي قيمة موازنة الجامعة، والمختبرات التي تحتاج إلى صيانة دائمة ومعدات خير مثال”.

 

ويتابع صافي: “أما من جهة الأساتذة، فقدراتهم الشرائية أيضاً تراجعت بشكل كبير، وروابتهم تقلّصت، وبالتالي هم غير قادرين على تحمّل التكاليف المعيشية بأكملها، ولا قدرة لهم على إصلاح الحاسوب مثلاً في حال طرأ أي عطلٍ. كما أنهم عاجزون عن سحب تحويلاتهم المالية كاملةً، كبدل اشراف على الأبحاث أو بدل مراقبة وتصحيح، أو بدل ساعات بالنسبة للمتعاقدين، بسبب القيود التي تفرضها المصارف، الأمر الذي يعمّق من أزماتهم”.

وانطلاقاً من المشكلتَين المذكورتَين، يلفت صافي إلى دور القطاع التربوي بشكل عام والجامعة اللبنانية بشكل خاص في إعداد أجيال تواكب عملية النهوض بالاقتصاد المفترضة بعد الانهيار الذي نشهده حالياً، ويشير إلى “إهمال المعنيين لمشكلات الجامعة وهموم الأساتذة، وغياب أي مقاربة جدية في التعاطي للوصول إلى حلول عملية”.

في هذا السياق، يذكر صافي أن “الجامعة اللبنانية ليست أساساً على جدول أعمال المعنيين، من وزير التربية وصولاً إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال، لكن المسؤولية المعنوية والتاريخية في هذه المرحلة تقتضي السير بخطة طوارئ لإنقاذ الصرح، إذ تشكّل هذه الجامعة جزءًا كبيراً من التعليم العالي في لبنان، ولا نهوض اقتصادياً دون التعليم العالي”.

وتحدّثت مصادر موظفي الجامعة اللبنانية في إتصال مع “لبنان الكبير” عن مشكلات عديدة يواجهها الأجراء “وهي تراجع القيمة الشرائية لرواتبهم، وعدم قدرتهم على تأمين الأساسيات المتعلقة بوظيفتهم، كالمحروقات للوصول إلى الجامعة أو دفع تكاليف الكهرباء والانترنت (أثناء العمل عن بُعد)، بالإضافة إلى تراجع قيمة التقديمات الطبية بحيث يضطر الموظفون حالياً إلى تغطية الفوارق”.

شارك المقال