بيروت، ليست مكسر عصا

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

أهو حقد على بيروت أم ” فشة خلق”؟
أهي أجندة خارجية أم أوامر داخلية؟

في كل مرّة تقع بيروت ضحية مشاغبات وغضب بعض المواطنين، في حين سلمت جميع المناطق الأخرى من هذه الأمور.

منذ بدأت ثورة تشرين وحتى اليوم، نرى بيروت مستباحة أمام كل شخص يريد أن يتطاول. وهنا لا نتكلّم عن حق التظاهر والنزول إلى الشارع، بل نتكلّم عن التخريب.

شوارع بيروت وتحديداً وسط بيروت أصبحت حزينة. جدرانها بشعة. لا أشجار، لا ديكور لا شيء. خرّبوا كل شيء وتركوها وحيدة.
في كل مناسبة وكل اعتراض كنّا نرى العديد من المظاهرات والاحتجاجات في جميع المناطق اللّبنانية وإن لم تكن سلمية لكنها لم تمسّ الأملاك العامة.

لم نرَ مشاهد حرق البنوك الاّ في بيروت. لم نرَ مشاهد تكسير المطاعم الاّ في بيروت. لم نرَ مشاهد تكسير إشارات السّير إلّا في بيروت. لم نرَ مشاهد التّكسير الوحشي الّا في بيروت.

لماذا بيروت؟
لأنها العاصمة؟
الجواب غير مقنع. الجواب أبعد من ذلك.

حقدكم عليها هو الجواب. حقدكم على مشروع رفيق الحريري الّذي جعل من بيروت مقصداً لجميع السيّاح هو الجواب. خوفكم من التكسير في  مناطق أخرى مسؤول عنها أحزاب هو الجواب. وهنا لسنا نتكلم عن حقد طائفي. أبداً. فمشروع بيروت لم يكن يوماً مشروعاً طائفياً. ولكن الصراع إيديولوجي.

منهم من هو عالق في فترة ستالين ومنهم من يعتقد أنه يحضّر بيروت لكي تستقبل الإمام، ومنهم من ركب الموجة.

يقول عضو مجلس بلدية بيروت خليل شقير في حديث لشباب “لبنان الكبير” إن التّظاهر حق، والتعبير عن الرأي حق يكفله الدّستور ولكن ضمن حدود. ما شهدناه في بيروت هو تعدٍّ على الأملاك العامة. في هذه الفترة الصعبة من الطبيعي الاحتجاج ولكن القليل من المشاهد في بيروت كانت راقية خصوصاً أن الطرقات الأخرى والمناطق الأخرى في لبنان هي خط أحمر، فمثلاً طريق بعبداً خط أحمر.

ويضيف أنّ بيروت كانت جزءاً من الانتفاضة ولكنها لم تقُد بل كانت تُقاد وهذا الخطير بالموضوع. أماّ عن دور البلدية في الإصلاحات فيقول شقير إننا مسؤولون عن صيانة الأماكن العامة، ولكنّ القانون لا يسمح لنا بإصلاح الأماكن الخاصة ومع ذلك نحاول خلق آلية تعامل بيننا وبين أصحاب المحلات الخاصة المتضرّرة للمساعدة.

ومن جهة الشارع البيروتي، فالحسرة واضحة على وجوه جميع من يتكلمون عن بيروت. فيقول عادل حمود إنه يمارس رياضة الركض منذ 20 سنة في بيروت لكّنه لم يرَ بيروت حزينة مثل اليوم. على الرغم من الحروب الّتي مّرت، إلاّ أنّها لم تكن كم هي حالتها الأن.

بيروت غُدرت يقول. غُدرت من أشخاص كانوا يقصدونها من جميع المناطق لأخذ صورة. غُدرت من أشخاص لم يبادلوها الوفاء.

ويضيف: الكلمة المفتاح هي الوفاء. وقد فقدوه.

بيروت ليست مكسر عصا. شاء من شاء وأبى من أبى.
بيروت ليست مكسر عصا، بيروت ليست يتيمة، بيروت كانت وستبقى منارة الوطن.

شارك المقال