بيروت المنهوبة

عمر دوغان
عمر دوغان

شاء القدر والتاريخ أن تكون بيروت ستّ الدنيا عاصمة لبنان وثقله السياسي والاقتصادي. كانت بيروت على قدر هذه المسؤوليّة، فأصبحت وجهة سياحيّة وثقافيّة وفنيّة وديبلوماسيّة وماليّة، وخير ممثّل لصورة “سويسرا الشرق”.

كانت بيروت بعد الاستقلال دائماً قلب الحدث، شهدت على ثورات وانتفاضات ومعارك وحروب، كما شهدت على أكبر الأحداث الفنيّة والثقافيّة والرياضيّة والسياسيّة. بالرغم من صورة بيروت الجميلة ودورها الريادي في شتّى المجالات، ما عادت على حالها اليوم.

لكن بوجود حكّام ظالمين وجائرين وغيرة الكثيرين من نجاحها وتألّقها، أصبحت بيروت محطّ رسائل سياسيّة وأمنيّة. فبعد انتفاضة 17 تشرين المحقّة، انتهز الكثير من الحاقدين فرصة تفلّت الأمن لتكسير بيروت وحرقها وتشويه أبنيتها الخاصة والعامّة. وللأسف، أتى انفجار 4 آب ليقضي على بيروت ولبنان سويّاً، فدمّرت بيروت وبنبتها التحتيّة تضررت، وكانت الضربة القاضية لأهل بيروت الذين عانوا الكثير. أهل بيروت الذين يتحمّلون أطماع وغدر الكثيرين.

إقرأ ايضاً: جرح بيروت من الثورة إلى المرفأ

في اتصال هاتفي مع إحدى الشخصيات البيروتيّة المعروفة في المجتمع، سألته عن حال بيروت اليوم فقال حرفيًّا: “بيروت منهوبة”، وأكمل غاضباً: “أكلوا من خيرها وعاشوا فيها وآخر شي نهبوها”. وبدأ بتعداد أحداث تكسير وسط بيروت وحرق الأبنية، وتعمّق أكثر في الحديث عن السياسة، فتناول موضوع بلديّة بيروت وقال: “لماذا هناك مدراء مصالح ورؤساء دوائر وموظفون من شتّى المناطق والمحافظات في بلديّة بيروت؟ أليس هناك أكفّاء في بيروت؟  بلديّة بيروت هي حقّ لأبناء العاصمة، فهي ليست وزارة أو إدارة عامّة. اختلقوا حجّة التوازن الطائفي كيّ يستفيدوا من التوظيف العشوائي والسماح لغير المستحقين بالتوظيف”.

وأضاف قائلاً: “نهبوا بيروت بالمناقصات والمشاريع المشبوهة التي دفعت من ضرائب البيروتيين ولم تقدّم لهم سوى القليل”.

وعن الأحداث التخريبيّة في العامين الماضيين قال: “أين الثورة والمطالبة بالعدالة المجتمعيّة في تكسير بيروت وأملاكها؟ هل تدمير وسط بيروت وسرقة الأملاك العامّة وإشارات السير وأعمدة الإنارة يردّ الأموال المنهوبة ويحاسب المسؤولين؟ لا أعتقد هذا”.

وختم قائلاً: “ليس بجديد على بيروت تحمّل غيرة وحقد الأغراب، ولكنّها حتماً ستنتفض يوماً وتعود عروس العرب”.

شارك المقال