طلاب في انتظار “غودو”

غنوة فهد
غنوة فهد

“آلو مرحبا، أودّ أن أحجز شقّة لعشرة أشخاص لتمضية فترة استجمام بعد فصلٍ جامعيّ شاق على أحد الشواطئ البحرية المطلّة على جزيرة حيث يمكننا القيام بنشاطات ترفيهية”، وطبعاً هذا ليس اتصالاً من طالب جامعي لبناني، لأنه اليوم لم يعد يعرف معنى الرفاهيّة وحتى وصل إلى حد حرمانه من التعلم في جمهوريّة تحطيم الأحلام اللّبنانيّة

إنّ العوامل الاقتصاديّة والسياسية المتدهورة في لبنان، من غلاء معيشي إلى نزاعات سياسية، جعلت الطالب اللبناني يتوقف عن العلم لصالح العمل وذلك لتأمين لقمة عيشه وإعالة أهله، ناهيك عن الطلاب الذين يعملون لدفع أقساطهم الجامعية. ولكن بعد الأزمة المالية لم يعد حتى مدخولهم كافياً لدفع المستحقات الجامعية، ما دفع البعض إلى التوقف عن التعلّم أو التأخر عن التخرّج.

والجدير بالذكر أن كل هذه العوامل أدّت إلى مشكلات وأزمات نفسية كان لها أثرها على الطالب، إن من حيث التركيز على الدراسة أو على رؤيته المستقبلية.

“الأزمة الاقتصاديّة والماليّة أثرت على مسيرتي التعليميّة. أبلغ من العمر أربع وعشرين سنة ولم أحصل بعد على الإجازة، لأنني أعمل نهاراً لدفع قسط جامعتي وأتعلم مساءً، وذلك ما يجعل وقت تفرغي للجامعة قليلاً. وبسبب تأخر الشركة في دفع معاشاتنا، إضطررت لتوقيف الجامعة هذا الفصل”، قالت الطالبة شيرين متأسفة.

وأضافت: “لم أصل بعد إلى قرار التوقف نهائياً عن الجامعة، ولكن إذا استمر تدهور الوضع، من المؤكد أنه لا أنا ولا الطلاب الآخرون سنتمكن من دفع مستحقات الجامعة.”

أمّا إبراهيم الذي أنهى إجازته ولم يتمكن من دخول الجامعة لإكمال “الماستر” بسبب الأوضاع الاقتصاديّة، يعتبر أن الموضوع أصبح يفوق طاقة وقدرة الطلاب وأهاليهم “ما بقى عنّا طموح بلبنان، صار الطموح شبه معدوم، وأحسن شي الواحد يحمل حالو ويسافر ويكمّل تعليمه بالخارج لأن هون بلبنان أصبحت الحياة صعبة للغاية”.

وأوضح: “معظم الطلاب لم يتمكنوا من دخول الجامعة اللبنانيّة شبه المجانية لعدة أسباب،  فكانوا يتجهون إلى الجامعات الخاصة، ولكن الآن معظمها يحسب الدولار على سعر الــ 3900 ليرة لبنانيّة ونحن في الأساس مازلنا نقبض على الــ 1500 ليرة لبنانيّة وذلك ما يجعلنا عاجزين عن استكمال دراستنا”.

هذه الطبقة السياسّة الفاشلة والفاسدة، قضت على طموح وأحلام الشباب وحملته أعباء تفوق قدرته. وأستشهد هنا بمقولة لنزار قباني “يا وطني الحزين حوّلتني بلحظة من شاعر يكتب الحب والحنين لشاعر يكتب بالسكّين”، وهكذا هي حال شباب لبنان الذي تحوّل حبر قلمه الذي لطالما رسم أحلامه إلى دمع يذرف كل يوم على ممرات اليأس والاستسلام والوجع.

شارك المقال