ماذا لو لم يحصل انفجار 4 آب؟

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

ماذا لو كنا في دولةٍ حقيقية، تُجنّب شعبها الخطر، وتتحمّل مسؤوليتها. ماذا لو قبل أشهر من الحادثة سمعنا في نشرات الأخبار أن “إنجازاً جديداً يُضاف إلى انجازات العهد، وقد تمّ التّخلص من أطنان من النيترات كانت موجودة في المرفأ وتشكّل خطراً على حياة المواطنين”. ماذا لو لم يكن هناك جرحى من الانفجار ولم يخسروا أجزاء منهم. ماذا لو لم يستشهد الشهداء وكانوا اليوم بيننا يتابعون حياتهم بشكل طبيعي. ماذا لو لم يذهب فوج الإطفاء وحذّروهم من النيترات؟…

لو لم يحصل انفجار المرفأ لكانت الشهيدة سحر فارس مع زوجها في منزلهما الذي لطالما حلمت به. لكان الشهيد رالف ملاحي الآن مع عائلته وأصدقائه يناقشون خطط المستقبل. لو لم يحصل انفجار المرفأ لكان الشهيد علي مشيك مستمراً في عمله بالمرفأ حتى ولو مقابل أجر زهيد محاولاً تأمين لقمة عيشه. لكانت الشهيدة الشابة روان مستو تعمل في المطعم وتتابع دراسة اختصاصها المفضل في الجامعة لكي تبدأ بالعمل به بعد سنوات. لو لم يحصل انفجار المرفأ لكان الشهيد ابن الـ15 عاماً الياس الخوري منشغلاً بكتابة الأغاني ويبني أحلامه. لو لم يحصل انفجار المرفأ لكان الأطفال الشهداء اسحاق والكسندرا يلعبان مع الأطفال الآخرين بسلام.

لو لم يحصل انفجار المرفأ لكان ابراهيم الأمين، علي اسماعيل، شربل متى، طارق حوا، قاسم المولى، لينا أبو حمدان، ماري طوق، قيصر مرهج، وسام فيصل، ملاك بظاظا، الياس كعدي، كمال كفا، جيسيكا بازدجيان، أيمن عزار، جواد شيا، نيكول الحلو، فارس كيوان، محمود سعيد، نعمة مخيبر، كاظم شمس الدين.. والكثيرين بين أحبابهم.

أماّ عن الجرحى والّذين نجوا بأعجوبة، فهم يتمنوت لو أن هذا النهار لم يكن. لأنّهم شهدوا على كلّ شيء ومازال ألم هذا النهار يرافقهم جسدياً ومعنويّاً.

إقرأ ايضاً: نشاطات 4 آب… سجالات “فايسبوكية” والذكرى وطنية

يقول الدكتور مروان زين، 25 عاماً، أن الحديث واسترجاع أحداث هذا النهار مؤلم. فهو نجا بأعجوبة. فقد كان دوره أن يكون في مستشفى الكرنتينا، وبدأ بسماع أصوات مفرقعات غريبة فاعتقد أنها من ثكنة الجيش القريبة جداً من المستشفى وماهي إلا دقائق حتى دوى الانفجار وتكسرت المستشفى. أراد زين الذهاب إلى مستشفى الجعيتاوي معتقداً أن لا شيء هناك وهو الذي رأى العالم مضرجين بالدماء جميعهم في الخارج، فأقلّه شخص وذهب إلى مستشفى الجعيتاوي فصدم بكمية الجرحى وبدأ بممارسة دوره كطبيب متناسياً نفسه ليسعف ما يستطيع من العالم.

يضيف مروان أن أصعب شيء في هذا النهار هو صعوبة تواصله مع أهله وهم الّذين كانوا يعلمون بتواجده في مستشفى الكرنتينا الّتي دمّرت.

حكايات لا تنتهي عن هذا اليوم، فلكل لبناني حكاية تختلف، فكل شخص عاش 4 آب بطريقة. منهم من استشهد، منهم من انجرح، منهم من كاد أن يموت، منهم من فقد عزيزاً، أو خاف على شخص قريب. منهم من يسمع حتى الآن في نومه صوت الانفجار، ومنهم من خسروا منازلهم ولكن الأكيد، أن جميعهم.. لن ينسوا.

4 آب 2021… لنحاسب برفع الحصانات، جميعها.

شارك المقال