سحر فارس… عاشقة الحياة

جورج توا
جورج توا

انفجار ٤ آب المشؤوم، أبكى الحجر كما البشر، دمّر المرفأ الذي يعتبر أساس المرافق الاقتصادية في لبنان وأولها في محيط البحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن ذلك، تمزّقت العاصمة بيروت إرباً، وتحولت معظم الأحياء السكنية إلى كومة خراب، فبات حوالي ثلاثمئة ألف شخص من دون مأوى.

لم تتوقف أذرع الشرّ عند هذا الحدّ، بل حصدت أرواح أكثر من ٢٠٤ أشخاص وحوالي ٦٥٠٠ جريح. من بين هؤلاء الضحايا مدنيون ومنهم مِمَّن كانوا يلبون نداء الاستغاثة لإخماد الحريق من أفراد فوج إطفاء بيروت، نستذكر منهم الشهيدة سحر فارس.

سحر فتاة شجاعة، أحبت مهنتها وعملت بإخلاص وتفانٍ حتّى كلفها الأمر حياتها، فخطفها الموت وهي في ريعان شبابها.

عشقت الحياة وآمنت باستمراريتها، فكان ارتباطها بخطيبها “جيلبر” بهدف الزواج وبناء عائلة، لكن القدر لم يستجب للأماني، فتوقف الحلم في نصف الليل القاتم ولم يكتب له أن يبصر النور، ولم يتبقَّ من سحر سوى صور عابقة بالحياة، معلّقة على جدران السنين، ولكن محفورة في قلب محبيها وخصوصاً خطيبها المدمى الفؤاد، الهائم على شريط ذكريات لن تندثر أو تضمحل بالرغم من مرور الوقت.

من قال إن الوقت يُنسي؟؟ من قال إن الجرح يندمل يوماً بعد يوم؟

صحيح أن الحياة تستمر، وبحسب المثل الشعبي “العترة عالبروح”، لكن بالنسبة للبعض الحياة فعلاً تتوقف عند خسارة من نحب، تفقد رونقها  وتصبح تمرير وقت فقط لا غير. فمن بنيت الأحلام بالتواتر مع افكاره قد زال، وأي معنى للحلم بدون بانيه؟.

من هنا نرى مرارة اللّوعة التي يعيشها البعض، فعندما نغوص في عمق الحدث، نعلم أن العدالة الارضية غير كافية وإن تحققت. فعدالة الباري السماوي الأكثر حكمة من عدالة الجلاّد من مسؤولين ونواب ووزراء ورؤساء لا يزالون حتى هذه اللّحظة غير آبهين بكشف حقيقة ما جرى ومحاسبة المسؤولين أيًّا كانوا، لعلّ ذلك يشفي غليل ذوي الضحايا ويطفئ شيئاً من نار حسرتهم على فقدان أبنائهم.

شارك المقال