في عمر التسعين… مسنّة لبنانية تتكلم عن لبنان

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

“هيدا البلد ما في متلو”. بهذه العبارة بدأت أم محمود، حنان غزال، 91 عاماً، حديثها.

هي المرّة الأولى الّتي تتحدّث فيها لوسيلة إعلامية وكان لديها الكثير لتقوله.

في قلبها غصة كبيرة فتقول إنّ لبنان لم يعش يوماً هذا الحزن، صحيح أنّه مرّ بالكثير من الحروب والمشاكل، لكنّ الناس لم تكن حزينة هكذا. في عزّ أيّام الاجتياح الإسرائيلي تقول أم محمود إنّ النّاس لم تكن خائفة، لم تكن يائسة، لم تكن متعبة. بالطبع للحرب تأثير كبير ولكن للحرب أوقات هدنة، مناطق آمنة. أمّا ما يعيشه لبنان اليوم فهو غير مفهوم، لا منطقة آمنة ولا أوقات هدنة.
نرى مشاهد الذّل تتكرّر، طوابير الخبز والدواء والبنزين. العالم كلّه تقدّم ونحن نعود إلى الوراء.

مع من أنت في السياسة؟

لم أحب يوماً السياسة. لأنها هي الّتي أوصلت لبنان إلى هذه الكارثة. وأنتم الشباب عليكم أنّ تتخلّوا عنها. لا تعيدوا تكرار غلطة أجدادكم الّذين انغمسوا في قذارة الحرب وضحّوا بأرواحهم ومستقبلهم من أجل زعماء لم يعترفوا بهم يوماً. تحدّثنا عن جارها في المنطقة وتقول أعرف شخصاً فقد ساقه في الحرب الأهلية وكان يتبع لفريق سياسي معيّن، توفّى هذا الشخص منذ سنة تقريباً عندما لم يجد سريراً في المستشفى ومعّ أنّ عائلته حاولت التّواصل مع هذا الحزب السّياسي إلاّ أنّه لم يساعده. خسر كل حياته لأجلهم وهم لم يهتمّوا.

ما الحلّ في لبنان؟

الحلّ بسيط جداّ، تقول. علينا أو بالأحرى عليكم، لأنني لا أستطيع فعل هذا بعمري، النزول إلى الشارع، مهاجمة بيوت جميع المسؤولين، جرّهم الى الحبوس، سجنهم للأبد والبدء من جديد. على الجميع نسيان الدين. الدين مشكلة. كان لديّ صديقة مسيحية. كنت أحبّها كثيراً، ساعدتني في تربية أولادي، لم تتزوج وكانت تمضي مع عائلتي الكثير من الوقت، لم نكن نتكلم بطائفية مع أننا جيل الطائفية وجيل الحروب الأهلية، أما الآن فأستغرب من شباب يتكلمّون على التلفاز بطائفية. خلصونا بقى من هالشغلة!

ماذا تقولين لشباب لبنان الكبير؟

ما تفلوا. ما تهاجروا. كبروا هون، وابقوا هون. انتم مستقبل هذا البلد. أنا أقول دائماً لأحفادي إنّ لبنان خسر شبابه في الحروب، منهم من هاجر ومنهم من دُفن ولو أنهم مازالوا هنا لكان لبنان يتمتّع بأشخاص جداً موهوبين، وبالطبع كان الوضع سيكون مختلفاً. اتركوا السياسة، والدين أيضاً، اعملوا لمستقبل هذا البلد، لا تدعوهم يقتلوننا مرة أخرى.

شارك المقال