الأزمة اللبنانية بعيون كبارنا… “متل هيك ما شفنا”

كمال دمج
كمال دمج

تعاقبتْ الأزمات وتوالتْ فأثَّرتْ وما زالتْ في معيشة الشعب اللبناني الذي انتهجَ التأقلم غير المُجدي، فتعامل معها بغرائزية وهمجية، وفي الكثير من الأحيان بفوقية ومثالية عقيمة جعلته أسير النتائج الكارثية، وغير مهتم بطرح الحلول أو بفرض سيادته كمصدر للسلطات مع أنه قادر على فعل ذلك.

ومن هذا المنطلق، يبدأ مربي الأجيال جمال المعوش حديثه لـ”لبنان الكبير” بالقول: “إنَّ النظام السياسي في لبنان هو عقد بين الطوائف لم يُرسِ الدولة المدنية بمفهومها الحديث، لذلك استمرتْ الأزمات منذ نشأة الكيان”. ويضيف: “إنَّ كل شعب متنوع ولديه ارتباطاته الخارجية لا يمكن أن ينعم بالاستقرار، ولبنان ساحة قابلة للتدخل بسبب انعدام الوحدة الوطنية.”

هو مربٍّ وأستاذ وأب كان لكل تلميذ، عرفه الجميع وأحبّوه، وخبرته تختصر سنوات من العطاء…

وبعبارة واقعية تكاد تُفقد جيل اليوم بصيصَ الأمل المتبقي لديه، يختصر أولئك الذين عاصروا الشدائد والحروب، المشهدية العامة للأزمة اللبنانية الحالية بالقول: “عشنا كتير وشفنا كتير، بس متل هالأزمة ما شفنا”، ويتحسرون على أيام كانوا فيها فقراء لكن آمنين من الجوع والعَوَز، لا بل حتَّى في زمن المحاور والاقتتال كانت الأمور المعيشية مقبولة نسبَةً لما هي عليه اليوم نظراً لعدم انعزال لبنان عن محيطه العربي وعن العالم بعكس ما هو حاصل اليوم، فالأزمة أزمة انعزال واقتصاد.

وبقراءة علمية لواقع الأزمة الحالية على الصعيد الاجتماعي يصف المعوش ما هو حاصل بـ “الصدمة”، قائلاً: “بعد الحرب اللبنانية اعتاد معظم الشعب اللبناني على نمط حياة يتسم بالبحبوحة والرفاهية، حتّى جاءتْ الأزمة الاقتصادية لتشكل صدمةً تجبر الجميع على التخلي عن نمط سائد يصعب الخروج منه، فالموظف العادي الذي كان يشتري ٣ كيلوات لحمة، صدمته الآن أنه لم يعد قادراً على شرائها، وَقِس على ذلك”. ويختم: “الأزمة السياسية والانقسام في أي بلد كان هي أم الأزمات والتي تولِّد أزمات اقتصادية واجتماعية ومالية وليس العكس”.

ولذلك، فإنَّ الفكر المتنصّل من الواقع ليس منه فائدة وبه لا تبنى الأوطان، فعلينا كشعب لبناني التعامل مع أزماتنا في ضوء الواقع وجوهر الأسباب للنهوض بمجتمعنا وليتسنى لنا اللحاق بأبناء عصرنا الذين سبقونا سنوات ضوئية أولاً بالوطنية والانتماء، من ثم بالتطور وحب النجاح… فالحضارات تولد من الأزمات.

شارك المقال