يا ستّي… حتى قرشنا الأبيض شلّحونا ياه

غنوة فهد
غنوة فهد

لبنان يرفع سعر الخبز وسط أزمة إقتصادية خانقة، وأزمة دواء تضرب لبنان، وانقطاع في الكهرباء بسبب احتكار مادّة المازوت من قبل الكارتيلات اللبنانيّة، إلى رفع سعر صفيحة البنزين في ظلّ تردّي الأوضاع الإقتصاديّة…

لا هذه ليست مجرد عناوين نقرأها في الصحف، بل هذه باتت أحاديث يتناقلها اللبنانيون يومياً خلال “الصبحيّة”. وسأروي لكم هنا مقتطفاً من صبحيّة مواطن لبناني مع جدّته إم جوزف البالغة من العمر 80 عاما.

شو قولك يا تيتا إديش قادرين بعد نتحمل؟ أنا تعبت كيف إنت يلي صرلك 80 سنة عايشة بهل زريبة.

“مرق علينا أنا وجدك إيام صعبة كتير بس النفسية كانت مرتاحة. ما بحياتنا انذلينا وتبهدلنا هيك. كان من زمان البيوت تضل مجهزة بالطحين، حتى يلي ما بتعرف تخبز كانت تضب طحين. كنا نساعد بعض كان في محبة وتعاون بين العالم مش متل هلق”.

وأكملت الجدّة حياة: “كانت العالم تخاف من الثلج والشتاء، خصوصاً نحن بالجبل لأن ما كان في جرافات وسيارات مجهزة لجرف ثلج الطرقات، وبالإضافة إلى ذلك كان موجود عنا دائماً الخوف من الحروب فكنا نضل ممونين. حتى بتذكر كانت العالم تعبي مازوت وبنزين وتخبيون”.

طيب وهيك كنتو تتبهدلوا قدام الأفران والمحطات؟

الجدة حياة: “هيدا يلي عم نشوفوه هلق، هيدا غضب الله علينا. ما بحياتها هلقد وصلت طوابير الذل قدام المحطات والأفران تيطلع للمواطن ربطة خبز أو ربع تنكة بنزين. وهيدا اذا طلعلو. كانت الناس تخبز ببيوتا، وتأمن أكلها اليومي من المونة اللي مخبيتها كان الجار للجار والمحبة بعدها موجودة والبيوت مفتوحة عبعضها نتقاسم اللقمة سوا. أنا يا ستي بحس إنو الناس كان بدها هالهزة قد ما كتر البطر والفحش لأن الناس بعدت عن ربها واختفى الضمير، وما عاد في إنسانيّة. صرنا بزمن الكبير بياكل الصغير، الحوت الكبير بياكل السمكة الصغيرة والله ينجينا من الأعظم”.

الأسعار كانت هيك غالية؟

الجدة حياة: “أكيد لا يا ستي، لأن كانت القناعة موجودة، وكانت الناس ترحم بعضها. بس كانت المطالب اليومية أقل من هيك بكتير، وكانوا قلال الناس اللي بيعرفوا بالدولار وتتعامل فيه وما كنا نعرف شو السوق السودا. كلّ عمرها الحروب موجودة، وكلّ عمرها الناس تخبي قرشها الأبيض ليومها الأسود بس هلق صارت الدني كلها سودا، لا مستقبل ولا طموح حتى قرشنا الأبيض شلّحونا ياه”.

وهكذا من زمن أجدادنا لزمننا اليوم، يبقى التفكير بالغد والمجهول القادم هو الهاجس الأكبر. لكن غد البارحة يختلف عن غد اليوم بالإنسان بحد ذاته من حيث نفسيته ومواطنيته وقدرته على التعايش مع كلّ ما يحصل حوله.

شارك المقال