دولتي تفجِّر أحلامي

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

كان الشباب اللبناني طوال هذه الأزمة من أقل المتشائمين. ثار، غضب، حلم، حاول التّغيير، تمرّد لكنه لم يتعب. تحمّل الغلاء المعيشي، تحمّل راتبه الذي بالكاد يكفيه، حاول دائماً البحث عن طرق للتغيير. لكن… وبخبر واحد، أصبح الحلم مستحيلاً. “رفع الدعم عن مادة البنزين”، جملة واحدة كانت كفيلة بنسف أحلام الجميع، وأوّلهم الشباب.

دولتي تريد أن تقتل حتى أحلامنا. دولتي تريد أن تمنعنا حتى من الذهاب الى عملٍ بالكاد راتبه يكفينا.

أزمة المحروقات ذلّت الشباب اللبّناني. أوقفتهم ساعات على طوابير لا تنتهي، ومع ذلك، وللأسف طبعاً، كان اللّبناني يتحمّل ويقول “عالقليلة بروح بكرا عالشغل”. أزمة المحروقات قتلت الشباب اللبناني، من حوادث سير على الطرقات جراء الطوابير، إلى مجزرة عكار، إلى ضحايا السلاح المتفلت والمشاكل على المحطات.

دولتي فجرّت أحلامنا. في حال رُفع الدعم عن المحروقات ولم يكن هناك أي بديل أو خطة إنقاذية فسنجد الشباب في بيوتهم. يتركون عملهم، جامعاتهم، مدارسهم و”يدفنون” أنفسهم في البيوت. فكيف لشخص بالكاد يتقاضى مليون ليرة شهرياً أن يغطي مصروف سيارته التي كانت 200 ألف ليرة شهرياً بنزين في السابق. أمّا اليوم بعد رفع الدعم فستكلّفه ثلاثة ملايين. وهنا بالطبع الأرقام تصاعديّة.

في الساّبق كان الشاب اللبناني يتحّمل العمل بأجر قليل لكي يدفع قسط جامعته ومصاريف تنقله في المواصلات العامة. لكن مع رفع الدّعم حتى التّنقل بالمواصلات العامة سيصبح من الرفاهيات.

يقول أحمد درويش وهو طالب في الجامعة اللّبنانية اّنه يعطي في الصيف دروساً خصوصيّة لـ”تقوية” تلاميذ المدارس. مع تدهور الحالة الاقتصادية اضطر أن يرفع قليلاً من سعر ساعته التي ما زالت نسبةً للدولار زهيدة جداً بالكاد 3 دولارات ومع ذلك لا يبغي الربح الكثير، لكن ما يسعى إليه فقط تأمين كلفة بنزين سيارته شهرياً ومصروفه الشخصي. ويقول أحمد، أنّه يعلم أن أجره كان زهيداً لكن عالقليلة كان يخرج في آخر الأسبوع مع أصحابه ويغطي هذه التكاليف، فهو كان يقبض بحدود مليوني ليرة لبنانية شهرياً، بالطبع لا يتبقى منها شيء في آخر الشهر. بالكاد بنزين ومصروف قليل آخر. ويضيف أحمد بحسرة، أنه مع رفع الدّعم عن البنزين سيجلس في المنزل، لأنه لا يستطيع تحمّل كلفة السيارة ولا حتّى المواصلات العامّة.

حكمتم علينا “مؤبّد”. حكمتم علينا بالإعدام. حكمتم علينا بالموت. نموت كل يوم مئة مرّة من الأخبار إلى المشاهد القاسية التّي نراها. نموت كل يوم مئة مرّة بتفكيرنا وأفكارنا وهواجسنا.

نحن في عمرٍ صغير لكن رأينا الكثير.

لا نريد الكثير،

نريد فقط أن تدَعونا نحقق أحلامنا،

من دونكم ومن دون مساعدتكم،

لكن فقط افتحوا الطريق أمامنا،

ونحن سنعبر.

شارك المقال