بأي حقٍ نحصد ما لم نزرع؟!

عبدالله ملاعب

أكتب هذه المقالة على العتمة التي اعتدناها في بلد الأزمات. لا نور هنا إلا ضوء الهاتف الذي أكتب عليه لأتحدث عن جيل الشباب الذي طفح كيله ولم يعد يستطيع الصمود. ويُفكر كل يوم بالرحيل تاركًا وراءه كل شيء.

جيلٌ يستيقظ كل يوم مخاطبًا نفسه، طالبًا منها أن تكون هادئة خلال النهار وتستوعب الكم الهائل من المصائب التي ستعترضها.

في كل يوم، مصيبة جديدة كان آخرها رفع الدعم عن المحروقات التي هي أصلاً غير متوافرة. نتساءل نحن شباب “لبنان الكبير” كما قال لي أحد الأصدقاء على “محطة بنزين” في الليلة التي أُعلن فيها رفع الدعم الساعة الثالثة فجرًا: “بعد حرزانة النزلة ع الشغل بعد رفع الدعم؟”.

سؤالٌ نطرحه نحن الشباب الذين هَرِمنا بفعل أيامٍ نعيشها ونحن نركض من وظيفة إلى أُخرى لتأمين ما يشبه الراتب!

سؤالٌ مازلنا لا نعرف إجابته لأن “التسعيرة” لم تصدر بعد والقرار النهائي الواضح لم يصدر بعد… جُلَّ ما نعرفه أنّ حاكم مصرف لبنان ما عاد يستطيع الاستمرار بدعم المحروقات.

لكن، لماذا علينا نحن أن ندفع ثمن السياسات الخاطئة والتخزين وتهريب الوقود الى النظام السوري؟ لماذا علينا نحن أن نحصد مرارة الدولة المخطوفة وحدودها المفتوحة للتهريب؟ والتي لسخرية القدر، أطلّ علينا من على الأقل شَرَّع إستباحتها وسرقة المدعوم لنا من محروقات ودواء، ليقول لنا أنّ التهريب يُضر النظام السوري لأنّه يؤثر في خطته الاقتصادية؟!

لا يا سيّد كيف لنا ان نُصدِّق هذه الرواية وقد إنفجرت عكار بسبب تخزين محروقات مُعدَّة للتهريب؟

لماذا كل شيء يأتي متأخرًا؟ لماذا شيطنة التهريب أتت اليوم بعد رفع الدعم وحمام الدم، في حين أنّنا لم نسمع لك خطبة سابقة تتحدث فيها عن خطر التهريب وضرورة استئصاله؟

كل شيء في هذا البلد ينهار علينا. التجار والمحتكرون والمهرّبون يأكلون الحصرم ونحن نضرس. خَزَّنوا ما أرادوا وهَرَّبوا على كيفهم واستنزفوا أموالنا نحن المُودعون المنهوبون. واليوم ببرودة يستنكرون رفع الدعم ويُحرِّمون التهريب؟!

هذا الأمر غير عادل. فنحن برفع الدعم هذا نتحمل تبعات قرار لم نتخذه. هذه الجوقة لم تستشِرنا في سياسة الدعم، ولم تُبَلِغنا عن شبكات تهريبها ولم تُقدِّم لنا إلا جهنم التي احترقت فيها جُثثنا وطموحاتنا.

شارك المقال