محبس الزواج… “كسرة”!

فراس خدّاج
فراس خدّاج

يبدو أن الزواج أصبح أمراً صعباً جداً في ظل ارتفاع سعر الدولار والأزمة الحالية التي تعصف بالبلاد، إذ أصبح معظم الشباب بعيدين كل البعد عن اتخاذ هكذا خطوة في الحاضر وفي المستقبل.

فكيف يمكن للشباب تأمين تكاليف الزواج في بلدٍ لا يتجاوز الحد الادنى للأجور فيه 30 دولاراً، ويلامس سعر صرف الدولار 20 ألف ليرة؟!

المقبلون على الزواج سوف يواجهون واقعاً اقتصادياً مأسوياً جديداً، أبرز نقاطه إلغاء فكرة التقسيط وتوقف القروض المصرفية بعد انهيار القطاع، ما سيضاعف حجم تكاليف الزواج.

حتى شراء “محبس” من الذهب صار من أكبر وأصعب الأمنيات، وثمنه تقريبا 100 دولار، وترتفع الكلفة لتقترب من ألفي دولار إذا أضفنا المحبس إلى “طقم” (من الذهب)، على أن يُسدد بالليرة أو بالدولار وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء.

كما أصبح الحديث عن إقامة عرس ترفاً، كتنظيم حفل زفاف وقضاء شهر عسل وحفلات توديع العزوبية التي كانت تكلف بالحد الأدنى حوالي ٢٥ ألف دولار، وأفُلت هذه العادة بسبب أزمة كورونا والانهيار المالي والاقتصادي، وأصبحت حكراً على الأثرياء.

من دون أن ننسى الأعباء التي تترتب على الثنائي للوصول إلى يوم الزفاف، والتي تعتبر من الأساسيات: إيجار منزل (لم نقُل بناء منزل) وشراء الأثاث والأدوات الكهربائية، والتي قد تصل قيمتها إلى قرابة 30 ألف دولار بالحد الأدنى. فهل يمكن للشباب دفع مثل هذا المبلغ في الوقت الراهن، فيما تستفحل الأزمة أكثر فأكثر؟!

وأظهرت الأرقام الرسمية في لبنان تراجعاً ملحوظاً في عقود الزواج خلال الأشهر الماضية بنسبة ٥٠٪، وهذا مؤشر خطير جداً لكونه ينذر بفجوة خلال ١٠ سنوات أو ١٥ سنة من الآن.

وفي هذا الإطار، كان حديث مع شباب يعملون على هذه الخطوة، لكنهم وقعوا رهينة الأوضاع الحالية التي منعتهم من ذلك كالثنائي سامر وديالا. سامر يمثل الشاب اللبناني الطموح، وهو خريج كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا وهو يعمل حالياً محاسباً في مؤسسة تجارية. أما خطيبته ديالا فهي خريجة كلية العلوم الاقتصادية في الجامعة اللبنانية وتعمل أيضاً محاسبة في شركة خاصة. ويمكن القول إن حالهم كحال الكثير من الشباب الذين ينتظرون الظروف الملائمة لتتويج علاقتهم بالزواج.

إقرأ أيضاً: شبابُ لبنان يغرقون… بين الزواج والانفصال

لدى سؤالنا متى كنتما ستتزوجان؟ كان الجواب: “في هاتين السنتين (٢٠٢١ و٢٠٢٢)، لكن الأوضاع الحالية غيرت كل مخططاتنا. فمع ظروف الكورونا، اضطر سامر للسفر الى الخليج لكنه ما لبث أن عاد الى لبنان بعد عدة أشهر من دون أن يوفّق. وبعدما ازدادت الأوضاع الاقتصادية تعقيداً، بدأ من جديد تحضير أوراقه للسفر لأنه من المستحيل الزواج والاستقرار إلا بالفريش دولار”.

وفي الختام، حمّل سامر وديالا الطبقة السياسية الفاسدة مسؤولية ما آلت إليه الأمور في البلاد والأوضاع الصعبة التي جعلتهم غير قادرين على الزواج والتوجه نحو الهجرة كحل لمشكلتهم.

أما نتاج حديثنا، الأزمة في لبنان لا تزال غامضة وسوف نكون أمام تغيرات في نمط العيش على كافة الصعد الاقتصادية والاجتماعية، فليس أمام اللبناني إلا تقديم التنازلات وتقبّل الظروف الحالية علّه يصل إلى مبتغاه.

شارك المقال