الأزمة الاقتصادية تتفاقم… والهجرة وجهة الشباب!

حسين زياد منصور

أزمات متوالية يمر بها لبنان. ولعل الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت وتعدّدت منذ عام ٢٠١٩، هي الأسوأ في تاريخه، إذ تترافق مع أزمة سياسية معقّدة على الصعيدين الداخلي والخارجي أدت الى عدم تشكيل حكومة تعمل على تخفيف المصائب التي تنهال على اللبنانيين، في ظل الانهيار المرعب لليرة أمام الدولار، ما تسبب في موجة غلاء فاحش وانخفاض في القدرة الشرائية للبنانيين وبروز ظاهرة الطوابير عند الأفران والوقود والغاز، في ظل انعدام الأمن والرقابة وانتشار الجشع والاحتكار بين التجار في مختلف القطاعات. كما فُقدت المواد والسلع من الأسواق وأبرزها الدواء والبنزين والمازوت التي تباع بأسعار خيالية في السوق السوداء، وكل هذا يساهم ويقود نحو الانهيار التام للبلاد.

تفاقم الأزمة المعيشية وتسارع الانهيار الذي لم تسلم منه أي طبقة اجتماعية مع الانتشار الكبير لفيروس كورونا، أدى الى توقف الكثير من الأعمال فخسر الكثير من الناس وظائفهم، وبعضهم خفضت رواتبهم، وأدى تدهور الأحوال الاقتصادية وضيق العيش إلى العديد من حالات الانتحار من جهة، وارتفاع نسبة الهجرة خاصة لدى فئة الشباب من اجل بناء مستقبل جديد لهم من جهة أخرى.

تأثير الأزمة الاقتصادية في العائلات

في الشارع، لدى البقال، لدى الجزار وعند الحلاق… نسمع أنين المواطنين المتعبين والمرهقين من هذا الوضع الصعب. ويسأل شاب عشريني: “متى تمر هذه الغيمة السوداء؟”، ليرد عليه رجل في منتصف الخمسينيات: “منذ ٤٠ عاماً وأنا أسمع والدي يردد هذه العبارة، ستفرج وتتحلحل الأمور عندما تمر الغيمة السوداء، ولا تزال هذه الغيمة تطارد مختلف الأجيال”.

وفي حديث مع أحد الشبان الذين تأثروا بشدة بهذه الأزمة وهم من معيلي أسرهم، يقول: “دولتي تدفعني لكره وطني، كنت موظفاً في السلك العسكري وتركته بسبب الأزمة الخانقة، إذ لم أعد قادراً على الاستمرار بالراتب الذي كنت أتقاضاه، كان له قيمة عندما كان سعر صرف الليرة اللبنانية يساوي ١٥٠٠ ليرة للدولار الواحد، أي كان راتبي يقارب الألف دولار، أما الآن فهو بحدود الخمسين دولاراً في ظل تدهور سعر الصرف”.

ويتابع: “حالياً أعمل في الحلاقة، مهنتي السابقة، وأكسب قوتي اليومي، صحيح أنني أعمل أكثر الآن وما أجنيه ليس أفضل من راتبي السابق، لكن لا أتكبد عناء الطريق للوصول إلى العمل في ظل أزمة المحروقات هذه، وأوفّر أجرة الطريق، أود تسوية ديوني وتسديدها، لكن سيتطلب ذلك وقتاً في ظل هذا التدهور الاقتصادي”.

ويختم: “بعد أن أنتهي من ديوني وواجباتي أنوي الرحيل، السفر أو الهجرة إلى أي مكان أتمكن فيه من العيش بكرامة، هنا إن مرضت لن أتمكن من شراء الدواء إن توفر، وقطاع الاستشفاء دخل في غيبوبة، فالمستشفيات لم تعد قادرة على استقبال المرضى لأسباب كثيرة لا يمكن حصرها، ولا يمكننا أن ننسى أزمة رغيف الخبز الذي فقد من السوق لأيام ووصل سعر الربطة في السوق السوداء إلى ٢٠ ألف ليرة”.

في كل يوم تتفاقم الأزمة الاقتصادية ويزداد الوضع سوءاً، ويحذر الخبراء من أن الأمن الغذائي في خطر وينذرون بالمجاعة التي بدأت تتفشّى في العديد من المناطق بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، ويشبّهها بعضهم بالتي حصلت خلال الحرب العالمية الأولى.

شارك المقال