مرجع كبير في 8 آذار: الحريري طوى صفحة القلق ودشّن مرحلة الخوف

ليندا مشلب
ليندا مشلب

“ما بيقدر يخبي لانه طاهر وعفوي”… هكذا وصف مرجع سياسي مخضرم من 8 آذار الرئيس سعد الحريري وهو الذي عايشه لسنوات، بين العلاقة بالشخصي والعمل السياسي، وذلك ردا على كثرة التكهنات عما اذا كان الزعيم السنّي الأول قام بعملية تكتيكية او استدرج عرضا وراء الخطوة التي قام بها ليخلص… لكن “الزلمة قوّس حالو ومش مخلص”.

وهل نحتاج إلى اكثر من هذا الإعلان الصريح الذي ذرف عليه الدموع الصادقة وليس “عدة التمثيل والشعبوية” مثل البعض، فمن يعرفه لا يشكّك لحظة بصدق مشاعره وادائه وهو كان دوما هكذا، عندما يسعد يظهر على وجهه السعد وعندما يحزن يشحب وينشف الدم في عروقه…

لا ينكر السياسي ان ما فهمه هو ان قرار العزوف مطلوب منه، ولا يحمل عدم تنفيذه. ويفضل التوقف عن تحليل وتكهن ما حصل مع الحريري للنظر الى التداعيات، فالاساس الآن: ماذا بعد الحريري؟ وهل تحصل الانتخابات؟ ومن سيملأ الفراغ الذي تركه؟

بعيدا عن العواطف، يؤكد السياسي انه سمع حتى ممن ليسوا مع خيار الحريري قلقاً كبيراً وعدم إنكار ان هذا الرجل يحتل المساحة الأكبر على الساحة السنّية، وانه لا يزال ووالده يشكّلان حالة قوية في الوجدان السني… “الرجل ضعف صحيح لكن موقعه قوي والطلة الأخيرة له ليست استسلاما بل عنصراً مهماً في مقياس القوة، فالمطلوب أضعاف الحريري وفرط تيار المستقبل والشارع السنّي لصالح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وامساك قرار الفتنة السنّية – الشيعية، بالتحديد مع حزب الله. فالطيونة لا تزال حاضرة في الاذهان وان بنسخة مختلفة، والحديث عن ان البديل داعش او جماعات متطرفة غير صحيح، فالمطلوب تطويع الشارع السنّي لصالح جعجع، وسنرى نوعية التحالفات اذا ما حصلت الانتخابات تصب في هذا الهدف، والأوراق ستنكشف تباعا لان كل الخيارات ستصب لدى مرجعية واحدة والمؤشرات توحي بالتحضير لمواجهات متوالية ومتعددة الاوجه مع حزب الله في المرحلة المقبلة، كل شيء مدروس وممنهج وحزب الله يدرك هذا الامر”.

يقول السياسي: “وليس عابلاش ركز الحريري في كلمته على انه لن يذهب إلى الفتنة. وحتى تغريدة جبران باسيل كانت مهمة جدا عندما اطلق سهامه بالمباشر على جعجع ملمحاً الى ان هناك من هو ذاهب إلى هذه الحرب… المشكلة مع حزب الله عميقة ولن تخضع إلى تسوية حتى ولو حصل التقارب بين إيران والسعودية فالاخيرة تفصل في العلاقة بينهما، والتركيز حاليا هو باتجاه كشف ظهر حزب الله ورفع الغطاء عنه، وهذا ما تكرر على لسان اكثر من شخصية سنّية في الساعات التي تلت خطاب الحريري، الذي لم يتهجّم على حزب الله في كلمته وحتى على ايران فهو لم يستخدم سوى كلمة النفوذ الايراني علما ان مصطلح الاحتلال الايراني كان الاكثر رواجا على لسان شخصيات سنّية عدة تتماهى مع القوات، ثم ان الخجل في رد الفعل على إنهاء الحريري لنفسه ولتياره لم يكن من فراغ. فهل هذا هو الرد على انكفاء سعد الحريري شاغل الدنيا ومالئ الناس؟ بالتأكيد لا، فهناك من فهم الرسالة وهناك من هو متواطئ، والكلام عن ان رد فعل الشارع عرّت الحريري واظهرت ان شعبيته تراجعت جدا ولم يعد يملك مفتاح الشارع ليس صحيحا، فهو طلب هذا الامر وتم ضبطه إلى أبعد حدود لانه مجددا هذا هو المطلوب. والتقرير الذي قدمته القوى الامنية حول الاعداد الضئيلة جدا صحيح، لكن ليس بسبب تراجع شعبيته انما نتيجة قرار وتواصل الجهاز الأمني للحريري مع الكوادر التي ضبطت القاعدة الشعبية… اذاً يوم ٢٤ كانون الاول ٢٠٢٢ سيسجّله التاريخ ان الحريري طوى فيه صفحة القلق ودشن مرحلة الخوف.

شارك المقال