بين “أوكرانيا” و”حسان” و”فيينا”

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

كأن حرباً عالمية ثالثة تتشكل، لدى الكثيرين القدرة على خوضها لكن لا رغبة لديهم لفعل ذلك. الأرجح أن تبقى حرباً عالمية باردة ثانية، سلاحها إحداثيات العقوبات وخرائط أنابيب الغاز والنفط. بإمكان أوكرانيا أن تعيش وربما تزدهر أيضاً بالجزء الغربي من أرضها وشعبها، الراغب بأوروبا و”الناتو”، فيما لروسيا أن تسجل نصراً معنوياً، لكن مكلفاً على المدى البعيد، بـ”استقلال” الجزءين الشرقي والجنوبي من أوكرانيا حيث الهوى الوطني للسكان يبقى لـ”روسيا الأم”.

ننام ونغفو هذه الأيام على أخبار وتطورات الواقعة الأوكرانية، مع ما تحمله من خطر خرطشة أسلحة جبارة حتى النووية فيها، لكننا نضطر الى “التواضع” جداً جداً في اهتماماتنا، فنسرح مع “حسان” في رحلة جهادية إفتراضية ثم نُصعق بصوت الطائرة الإسرائيلية الواطية جداً، المنذرة والمذكّرة بأيام تموزية بشعة.

بين “أوكرانيا” و”حسان” نسترق السمع الى آهات الأنس في فيينا. الإيراني مرتاح، أو يحاول إظهار نفسه مرتاحاً، والأميركي يساير ولو أنه بين الحين والآخر يذكر بأن مهلة التفاوض ستنتهي قريباً.

وعلى قولة المتل: “إن شتت الدني إندبي وإن صيفت الدني اندبي”… فإن فيينا لمصلحة ايران يعني ربما تسليماً لها بالنفوذ السياسي والمذهبي والبالستي في المنطقة، فيزداد “الافتراء الشيعي” على “الخارطة السنيّة” ويقوى التكليف الشرعي على لبنان والمنطقة، وفي المقابل يصبح مبرراً لكثيرين المطالبة بتفعيل “إتفاقات ابراهام” حيث إسرائيل أصلاً لن تداري خيبتها على “حائط المبكى” بل ستفتح الميادين الساخنة وستفعل “القبب التوارتية” الصاروخية فيما سلاحها الجوي يبصم فعلاً مسارات الرياح في أجواء المنطقة.

وإن “صيفت الدني” وكانت فيينا ضد مصلحة طهران، فإن الندب سيكون أيضاً من نصيب لبنان والمنطقة، إذ سيرتفع منسوب “الإفتراء” الى “الانتقام” وقلب الأوضاع رأساً على عقب حتى تُستحق التسوية الكبرى.

وحين ننشغل بهذه الحسابات النارية الصاروخية المخيفة يلفنا الإطمئنان من حيث لا ندري ولا نتوقع. إنه “حزب الله” يعتبر أن إسرائيل تحضر حرباً ضده عبر صناديق الاقتراع، وأنها ستفرح اذا وصل خصوم الحزب الى البرلمان.

لا بل نسمع إبراهيم السيد، رئيس المجلس السياسي لـ”حزب الله” يقول ان “الانتخابات النيابية المقبلة هي بمثابة حرب تموز سياسية، لأنهم يريدون سلاحنا ومقاومتنا ومجتمعنا لكي تكون الكلمة في بلدنا لاسرائيل وأميركا”.

هي “حرب تموز سياسية” إسرائيلية ضد “حزب الله” إذا… لكن أليست هي على المقلب المحلي، حيث الانتخابات تنافس خيارات، أقرب الى “7 أيار” حيث صناديق الذخيرة ومخازن الصواريخ تفرض حكماً نتائج “مسيرة” مثل “حسان” و”ميشال” و”جبران”؟

شارك المقال