“منتدى أبوظبي” مساع حثيثة لتعزيز السلم العالمي

السيد محمد علي الحسيني

منذ تأسيسه عام 2014 يسعى “منتدى أبو ظبي للسلم” الى تحقيق أهدافه، التي تتمثل في إحياء ثقافة التعايش وتعزيزها في المجتمعات الإنسانية والمسلمة، وإحياء القيم الإنسانية المشتركة بين الأديان، إضافة إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة باعتماد المنهجية العلمية الرصينة لمعالجة الفكر المأزوم وآثاره، كما يسعى الى إيجاد فضاء للعلماء لنشر رسالة السلم والتعاون على الخير، وتعزيز دور الإمارات العربية المتحدة في نشر السلم وتوفير الأمن والعافية والسعادة للمجتمعات المسلمة والبشرية.

ولقد انطلق المنتدى في ظروف إقليمية وعالمية شهدت تحديات كبيرة خصوصاً مع انتشار المد التكفيري والعنف والتطرف بكل مظاهره والإرهاب، وتصدر ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب، ما جعله يسعى قدماً الى مواجهة كل هذه التحديات بمنظور الإسلام وعدالته وقيمه ومبادئة القائمة على التسامح والمحبة، فكانت الملتقيات الثمانية المنعقدة منذ العام 2014 تركز على تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة عبر التأكيد على أنه الخيار الوحيد لوضع حد للحروب التي أكلت الأخضر واليابس، ونشر الوعي لدى العقول بأن السلم هو منهج إسلامي ثابت وجوهري وما يتم تصويره من مشاهد العنف والتطرف معاكس لحقيقة النصوص الدينية وللطبيعة الإنسانية.

الحروب وعولمتها أكبر تهديد للبشرية

تواجه البشرية عبر العصور المختلفة هواجس ومخاوف تهديد الحروب لأمنها وسلامها، وللأسف تتكرر الحروب مهما كانت أسبابها بصورة مستمرة في إطار الصراعات على الموارد الطبيعية ومحاولة السيطرة على المواقع الاستراتيجية، فتلجأ الدول إلى الحروب لتحقيق أطماعها الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية تارة وتارة أخرى تبرر الدول الحروب بأنها السبيل الوحيد للحفاظ على أمنها وسلامها. ولا شك في أن هذه الحروب عندما يشتعل فتيلها تتسبب بنتائج وخيمة على الشعوب والدول على جميع الأصعدة، كما أن التداعيات الخطيرة لا تقتصر على محيط المنطقة المشتعلة فحسب، اذ أصبحت الحرب تنطلق في بؤرة ما لتنتشر كانتشار النار في الهشيم، وتمس بالعالم بأكمله وبالتالي نكون أمام “عولمة الحرب” وتداعياتها، ما استدعى الحال إلى ضرورة وضع حد لها من خلال مجموعة من الاتفاقيات أو عبر المنظمات الدولية، لكنها للأسف لم تكن سوى حلول مؤقتة لأنها لم تمنع من عودة تكرارها.

المنتدى في ملتقاه التاسع يدعو إلى عالمية السلام

إن وضع حد للحروب الدموية يكون عبر تفعيل السلام وآلياته، وذلك من خلال مبادرة جماعية لتعزيز السلم والحفاظ عليه من محاولة المساس به في أي وقت من الأوقات، يجب وضع استراتيجية دائمة لمواجهة التهديدات والتحديات والأزمات وترسيخ فكرة أن عولمة الحرب يجب أن تواجه بعالمية السلام على نحو معالجة الفكرة بنقيضها، كما أن إعلان “منتدى أبو ظبي” عن ملتقاه التاسع تحت عنوان “عولمة الحرب وعالمية السلام” هو جوهر العلاج، لأن الحروب هي داء لا يمكن علاجه إلا عبر السلام، مع التأكيد أن السلم هو كل لا يتجزأ وأن الإخلال به تنعكس آثاره على العالم، وهذا ما يسعى الملتقى الذي ينطلق في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني لثلاثة أيام الى إبرازه من خلال فتح منصة لتبادل الآراء والخبرات بين الفاعلين في مجال السلام ولسبر آفاق التعاون ونشر قيم التسامح والتعايش بين الشعوب والأمم.

كما لا بد من أن نشير هنا إلى الدور البارز الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها عاصمة للتسامح وملتقى الإنسانية في رعاية هذا الملتقى واحتضانه ودعم نهج السلام والدعوة إلى الانفتاح وفتح جسور الحوار، لوضع حد للحروب والصراعات. كما نشيد بالدور الريادي الذي يقوم به رئيس “منتدى أبو ظبي للسلم” فضيلة الشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه الذي أبلى بلاء حسناً منذ انطلاق هذا المنتدى لتعزيز السلم وترسيخ قيم التسامح والمحبة، لذلك نتشرف بالمشاركة في هذا الملتقى المبارك لنساهم بكل ما نملك من رؤية فكرية ثاقبة خدمة لقضايا السلام ودعماً لهذه المبادرات الإنسانية.

شارك المقال