“النار بالنار”… شد عصب بين اللبنانيين والسوريين

رحاب ضاهر
رحاب ضاهر

في الوقت الذي كان فيه الهدف من مسلسل “النار بالنار”، تسليط الضوء على العنصرية تجاه السوريين في لبنان، تحوّل المشهد الذي جمع بين الممثلة السورية كاريس بشار والممثل اللبناني جورج خبار الى مباراة في العنصرية والتحيز بين اللبنانيين والسوريين، وأظهر العلاقة الشائكة بين الشعبين، فجزء كبير من الشعب اللبناني لا يزال يحمل في صدره ضغينة تجاه “السوريين” نتيجة فترة الحكم السوري للبنان، وذكريات غازي كنعان ورستم غزالي، وجاء هذا المشهد ليعرّي المشاعر لدى الطرفين، وأخرجه عن سياقه ليتحول الى شد عصب بين اللبنانيين والسوريين، وهذا ما ظهر واضحاً من خلال تعليقات الطرفين على المشهد، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فاللبناني توّج جورج خبار “بطلاً قومياً” قال كل ما يرغب في قوله اللبناني للسوريين، وأخرج تراكمات الماضي وذكريات الحكم السوري للبنان والمدفون وعنجر، أما السوريون فصفقوا كثيراً لكاريس بشار التي حجمت “عنجهية الفينيئي” تجاه “السوري”.

وعلى الرغم من “فجاجة” هذا المشهد وما أثاره من جدل، الا أنه يعتبر من أكثر المشاهد جرأة وصدقاً، اذ جسد الواقع أو “المسكوت عنه” لدى الطرفين وطرح هذا الموضوع الحساس “من دون تجميل”.

وبعيداً عن هذا المشهد وما صاحبه من ردود أفعال، يعتبر مسلسل “النار بالنار” من أبرز الأعمال الدرامية المشتركة لهذا العام، اذ يتضمن زخماً كبيراً من الأحداث والشخصيات المأزومة سواء كانت سورية أو لبنانية، فالشخصيات التي تعيش في حي واحد على الرغم من اختلاف اتجاهاتها الفكرية، تعاني الظروف والصراعات نفسها وتظهر أن السوري واللبناني في خندق واحد. وعلى الرغم من قتامة العمل وقساوته استطاع أن يلامس المشاهدين، الذين وجدوا داخله شخصيات تشبههم وتتحدث بلغتهم وواقعهم، ويقدم كثيراً من المقاربات أبرزها صراع الرأسمالية والشيوعية عبر شخصيتي جميل والمرابي عمران التي استوحاها الكاتب رامي كوسا من شخصية شيلوك في رواية “تاجر البندقبة” لشكسبير، وتمت الاشارة الى الرواية في المسلسل في مشهد جمع بين عمران وجميل. ويتطرق خلال أحداثه الى كثير من القضايا أبزرها التطرف وزواج القاصرات عبر شخصية زكريا المتزوج من طفلة تبلغ من العمر 14 سنة، وزواج الخطيفة في لبنان.

“النار بالنار” أخرجه السوري محمد عبد العزيز، ويجمع نخبة من نجوم لبنان وسوريا، الذين يبدو وكأنهم في مباراة “كلاسيكو” لناحية الأداء، وعلى رأسهم الفنان طارق تميم الدي يجسد شخصية الصحافي اليساري صاحب المبادئ على الرغم من انجراره الى الخمر والقمار، اضافة الى جورج خباز الذي يؤدي الدور السهل الممتنع، وزينة مكي وأدائها العفوي المميز وطوني عيسى وساشا دحدوح.

أما الفنان السوري عابد فهد فيجيد تقمص شخصية المرابي عمران، وإن كان يستحضر أحياناً شخصية ياسر العظمة في مسلسل “مرايا”، وأحياناً أخرى يبدو وكأنه يقلد الفنان جورج وسوف، الا أنه يعتبر “جوكر” العمل ويعطي أبعاداً مختلفة للشخصية فهو تارة المرابي الذي لا يتواني عن اقتطاع لحم أهالي الحي لاسترداد ديونه وفوائدها، وفي لحظات أخرى العاشق الرومانسي في مشاهده مع مريم.

وتقدم كاريس بشار “أجود” أدوراها هذا الموسم، بعدما قدمت دوراً دون المستوى في مسلسل “كسر عظم” العام الماضي، فدورها مركب ومعقد عبر شخصية مريم المرأة المنكسرة والضغيفة في لحظات اليأس، والشرسة عند الدفاع عن نفسها، وتتماهى مع مريم في مشيتها وحركة جسدها وتعابير وجهها، واعتمادها على لازمة “الله يحن عليك” من دون افتعال، لتعطي دورساً في الأداء الصادق، الخالي من المبالغة في “النفخ والتجميل”. ولا ننسى الفنان رضا العلي الذي يجسد شخصية أبو رضا ولازمة “انشانتايم”.

شارك المقال