أمسية صوفية تنقّي الروح… رسالة أمل وفرح من بعلبك

آية المصري
آية المصري

أمسية صوفية دمشقية حلبية بإمتياز صدحت على مدرجات معبد باخوس في قلعة بعلبك التراثية حيث أحيت فرقة الكندي الصوفية للمرة الثالثة على التوالي في مهرجانات بعلبك الدولية، حفلاً عبارة عن مزيج مميز قدمته الى جانب الشيخ حامد داود ودراويش دمشق ضمن فعاليات هذه المهرجانات. وهذه الأمسية أرادتها اللجنة المنظّمة تحية إلى روح الموسيقي والملحن الفرنسي جوليان جلال الدين فايس، مؤسس الفرقة في حلب قبل نحو 40 عاماً، والذي أحيا حفلتين في بعلبك.

هذا الحفل كان عبارة عن خلطة رائعة من الفن الصوفي والموشحات والابتهالات الدينية، أعادتنا بالذاكرة الى جلال الدين الرومي وشمس التبريزي.

“مالك يا حلوة مالك”، عشقها الجمهور من طريقة تقديم الفرقة لها بأسلوبها الراقي والمميز عبر وصلة “الرصد”، وبموسيقى العزف على الناي، التي حلقت معها الأرواح في فضاءات بعلبك وصدحت في المنطقة عبر صوتها النقي والصافي كصفاوة المياه. وقدمت وصلة “سيكا” تخللها عزف فردي على العود ومدائح نبوية من “إلهي يا إله الكون”، و”طلع البدر علينا” التي جعلت كل حاضر ينسجم مع ألحانها ويتخيل نفسه في مكان آخر.

ولم تكتمل المشهدية إلا برقصة “المولوية” المعبّرة عن الصوفية والتي تصبو الى التقرب من الله الواحد، بحيث كان الجمهور منسجماً ويتراقص على هذه النغمات الروحانية. وكان قاصدو هذه المهرجانات من مختلف المناطق اللبنانية من الشمال والجنوب والبقاع، وكلهم يقدرون هذا الفن الاستثنائي.

وشهدت بعلبك تعزيزات أمنية مشددة، ولم تغب قوى الأمن والجيش اللبناني لحظة واحدة عن كل الطرق والمفارق المؤدية الى المدينة، وتُعد هذه السنة من أكثر السنوات التي جرى فيها فرز هذا العدد الهائل من العناصر الأمنية وسط تشديد كبير على كل من يدخل الى القلعة ويخرج منها. ولم تغب الشخصيات الرسمية عن هذه المهرجانات بحيث كان حضورها لافتاً ومميزاً وشكل نوعاً من الطمأنينة للموجودين بأن الأمن مستتب.

ابراهيم: الصورة المتداولة عن المنطقة مغرضة

النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم قال في حديث عبر “لبنان الكبير”: “هذا البلد بلدنا وبعلبك مدينة الشمس التي لن تغيب لحظة واحدة عنها، ويجب أن تبقى هذه المدينة مشرقة طوال أيام العام وليس خلال المهرجانات فقط. نحن نعتز بوجود هذه الآثار لدينا التي لا نرى مثيلاً لها في الشرق أو الغرب وما يماثل بعلبك لا يوجد في أي مكان آخر”، مضيفاً: “أنا فخور جداً بقصد هذه المدينة ولنرى أهلها وكل نفس منها لأنها أم للجميع وحاضنة للجميع، ولأنني أحب هذا النوع من الموسيقى قصدت هذه المهرجانات وأنا سعيد جداً بوجودي”.

وحول وجود شخصيات رسمية وسفراء دول في الافتتاحية الأولى، أوضح إبراهيم “أننا موجودون في مكان آمن جداً، والصورة التي يجري تداولها مغرضة عن المنطقة ويجب أن نحميها وننتبه اليها وأهلها من يحموها”.

دو فريج: حوار فني مميز لبناني – اسباني

ورأت رئيسة مهرجانات بعلبك الدولية نايلة دو فريج أن “المهرجانات هذا العام وكل عام عبارة عن رسالة أمل وفرح، وتنوع الثقافات مهم جداً بالنسبة الينا لأنه يجعلنا نرى كلبنانيين أن لدينا هذا التنوع الثقافي ويشتركون مع بعضهم البعض في حوار واحد وهذا هو لبنان الذي نحبه”، مشيرةً الى أن “هناك حفلة في 7 من الشهر الجاري وهي موسيقى إسبانية الى جانب موسيقى لبنانية بالاضافة الى جوقة القديس يوسف والتي تقودها ياسمينا الصباح ولدينا ناتشو اريماني المؤلف، وهذا بمثابة إبداع خاص لمهرجانات بعلبك بالاضافة الى راقصة الفلامنكو وراقص دبكة لبناني وسنشهد حواراً بين إسبانيا ولبنان سيقدم نكهة خاصة ومميزة”.

ولفتت الى أن “تذاكر حفلة الفنان ملحم زين نفدت في أسبوعين من تاريخ إعلانها وعدد كبير من محبيه ينتظر هذه الحفلة وخصوصاً أهالي بعلبك”.

حلبي: الحضور السياسي يؤكد أن المنطقة آمنة

أما المسؤولة الاعلامية في مهرجانات بعلبك الدولية مايا جزار حلبي فاعتبرت أن “هذه إشارة مهمة للبلد، أنه عندما تكون مهرجانات بعلبك قائمة إذاً البلد بخير. نحن فرحون جداً بأن لدينا مهرجان دولي هذا العام نتيجة الحفلات الأجنبية المتعددة ضمن برنامجنا والافتتاح كان مع روبرتو بوليه ورفاقة الذي يعد من أهم راقصي العالم، وكانت حفلة ناجحة جداً والقبول كبيراً بالاضافة الى مشاركة المطرب اللبناني وإبن بعلبك ملحم زين”.

وأكدت أن “الحفلة مع فرقة الكندي الصوفية مميزة جداً وهذه ليست السنة الأولى التي نستضيفها فيها، بحيث قدمت عروضاً رائعة عام 2003 داخل معبد باخوس وكان مؤسسها جوليان جلال الدين فايس الذي توفى منذ عدّة سنوات، وعلى الرغم من ذلك إستمرت الفرقة، وهذه الحفلة تتلاءم اليوم مع جو القلعة والمعبد ورأينا تناسقاً كبيراً بين الموسيقى الصوفية والمكان”.

وعن وجود عدد كبير من السفراء والشخصيات السياسية خلال حفلة الافتتاح، أكدت حلبي أن “هذا الحضور يشجع الناس والأجانب على قصد بعلبك خصوصاً عندما يرون ممثلين كثيرين عن هذه الدول في بعلبك، وبذلك نؤكد أنها منطقة آمنة وبعيدة عن المشكلات وبإمكان الجميع أن يقصدها ويزورها براحة مطلقة، ونحن نتحمل مسؤولية الفنانين وكل فرد أتى الى هذه المهرجانات”، داعيةً كل شخص الى قصد بعلبك “لأن أجواءنا جميلة جداً وكلها فرح وفن جميل”.

شارك المقال