حفل عمرو دياب في لبنان… بين واقع مدمر والبحث عن بقعة فرح

راما الجراح

750 ألف دولار، الأجر الذي قيل إنّ الفنان عمرو دياب اتفق عليه مع منظمي حفله المنتظر احياؤه في أسواق بيروت في 19 آب المقبل. لم يُحسم الرقم، لكن بعد نشره، لم ينفِه المنظمون ولا دياب نفسه. وكانت الشركة المنظمة للحفل أعلنت عن نفاد جميع تذاكر الفئة الأولى خلال نصف ساعة، ما اضطرها الى زيادة عدد مقاعد هذه الفئة والتي نفدت أيضاً فور طرحها، وذلك قبل شهر ونصف الشهر من موعد إقامة الحفل.

وتبدي وسائل الاعلام اللبنانية اهتماماً كبيراً بالحفل، خصوصاً أنه يعد الأول لدياب منذ ١٢ عاماً في لبنان، حيث يحظى بشعبية كبيرة أكدتها ظاهرة تهافت الجمهور على شراء التذاكر من دون الاكتراث بأسعارها. ويعوّل على أن يكون هذا الحفل حدثاً فنياً ضخماً يعيد الحياة الفنية إلى العاصمة بيروت.

الرقم كبير والنسب عالية جداً مقارنةً بإمكانات اللبنانيين والتقارير الدولية التي تتحدث عن انزلاق 90٪ منهم إلى ما دون خط الفقر، إلا أن ذلك يثبت واقع التفاوت الطبقي الذي أصبح واضحاً في لبنان. وتناقش الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حول صحة ما يجري، وتساءلوا عما اذا كان ما يحصل يعتبر دليل تعافٍ للبنان في الموسم السياحي، وماذا عن الاحصاءات والأرقام؟ أسئلة جوابها يتزامن مع إقامة الحفل المنتظر.

عن هذا الموضوع، قال الصحافي والناقد الفني ربيع فران لموقع “لبنان الكبير”: “على الرغم من الوضع الاقتصادي الصعب ثمة ما هو فرح يحاول بعض اللبنانيين استغلاله لجهة الحفلات الصيفية التي تقام، والبارز أنها تمتلئ بالجمهور حتى مع أزمة الدولار والعوز والشح في الموارد المالية”.

وبالنسبة الى أسعار البطاقات، اعتبر أن “هناك من دون شك قطبة مخفية عند كل لبناني يحاول الهروب إلى الفرح، وشاهدنا الكارثة بعد الاعلان عن حفل عمرو دياب المتوقع في لبنان، وكيف زادت وتيرة الطلب على بطاقاته، ما يضع علامات استفهام كبيرة، حول ما أسميه مافيا المتعهدين، وكيف انقلب سعر البطاقة خلال ساعتين من 60 إلى 90 دولاراً الأمر الذي يرسم علامات استفهام كثيرة حول المستفيد من نشر أخبار أن البطاقات تحولت الى (صولد آوت) في وقت قياسي، وهذا بحد ذاته استغلال لجمهور يريد حضور حفل، وفي الوقت نفسه شاهدنا الغاء حفل للفنان المصري محمد حماقي يقال انه بسبب عدم تحقيق مبيعات وارتفاع سعر البطاقات”، مؤكداً أن “لبنان في لوحة سوريالية كما دائماً بين حقيقة وواقع مدمر على الأصعدة كافة، وبين البحث عن بقعة ضوء وفرح ولو اعتمد البعض على التوفير أو الاستدانة لحضور حفل غنائي أو موسيقي”.

وأعلنت احدى المعجبات بالفنان دياب (top fans)، والمطلعة على تفاصيل الحفل، الناشطة سارة العوطة أن “wave 1” حجز منذ أول 5 دقائق كاملاً، بحسب “Rodge” وهو الـ “دي جي” والمعروف عنه تشجيعه لدياب على إقامة الحفل في لبنان ويقوم بتنسيق كل الأمور مع شركة التنظيم و”احجز”. وقالت: “أنا شاهدة على ذلك وكنت سأدخل في حالة هستيريا بسبب اكتمال الحجوزات بهذه السرعة. في العادة الـ (wave 2) تفتح حجوزاتها بعد يومين إلا في حفل الفنان عمرو دياب فتحت في اليوم نفسه وأصبحت (sold out) بسرعة خيالية”.

أضافت: “واضح جداً أن الاقبال كبير جداً من اللبنانيين على مشاهدة الحفل، وهناك عاملان أساسيان ساعدا في ذلك، أولاً عمرو دياب منذ العام 2011 لم يُقم أي حفل غنائي في لبنان بعد إلغاء حفل له في العام 2010 إثر إشكال مع المتعهد، ولديه قاعدة جماهرية كبيرة في لبنان، فهناك نسبة كانت تضطر الى السفر إلى دبي ومصر لحضور حفلاته. بدأت الأسعار من الـ(wave 1) من 60 إلى 160 دولاراً كحد أقصى، وأعلن عن الحفل قبل ثلاثة أيام من فتح الحجوزات. والنسبة الأكبر استطاعت تأمين سعر البطاقة والناس كانت جاهزة بإنتظار فتح الحجز، وهذا مؤشر على أنها بحاجة الى الفرح بغض النظر عن الضائقة الاقتصادية التي نعاني منها”.

وأشارت الى أن “نسبة كبيرة من العراقيين كانت حريصة على أن أقوم بحجز بطاقات لها، وهناك من جنسيات أخرى أيضاً موجودون في موسم السياحة في لبنان ورغبوا في حضور الحفل. طبعاً اللافت هو حماس عائلات المغتربين الذين أوصوا أهلهم في لبنان بشراء بطاقات لهم قبيل وصولهم. وهذا الحفل لا يعني أنه الوحيد الذي يمكنه تنشيط الدورة الاقتصادية في لبنان، فهناك حفلات لكاظم الساهر، تامر حسني، حسن شاكوش، وديع الشيخ وغيرهم من الفنانين والأماكن التي تقيم حفلات أسبوعية وتدفع الناس مبالغ كبيرة عليها”.

بالنسبة الى شركة المنظمين مع “احجز”، أوضحت العوطة أنها “قامت بفتح جميع الـ (waves) في اليوم نفسه لأنه كان متوقعاً الاقبال الكبير ولكن ليس بهذه النسب العالية، وطلبوا من الناس إحضار هوياتهم لتكون متطابقة مع بطاقة الحجز، ولكن من الممكن أن يتسبب هذا الموضوع ببعض العراقيل يوم الحفل لأن هناك أناساً حجزوا لأصدقائهم بإسمهم، ومنهم من حجز من مكان الحجوزات وغيرها، وهذا سيؤدّي إلى فوضى في التنظيم، وسننتظر يوم الحفل لنرى، وبحسب التوقعات هناك ما يقارب ١٥ ألف شخص سيكون موجوداً فيه. وبحسب Rodge مكان الحفل سيتم بناؤه داخل البيال تقريباً ويضم كل الأشخاص الذين حجزوا، وسيكون هذا المكان انطلاقة لحفلات عالمية داخل لبنان، وحفل عمرو دياب بداية لاحياء أسواق بيروت وإعادة الحياة اليها”.

شارك المقال