المصارف تنفّس أزمتها على حساب الموظفين… صرف تعسفي وخرق للبروتوكول الموقّع مع النقابة

فدى مكداشي
فدى مكداشي

أقدم عدد من المصارف على قفل فروع في مناطق عدة، وصرف عدداً غير قليل من الموظفين، وأعطى إجازات طويلة قسراً لعدد من الموظفين.

لكن هذا التدبير الذي اتخذته بعض المصارف (وستلحق به حتماً المصارف المتبقية) نتيجة للأزمة المالية والنقدية، يعتبره نقابيون مخالفاً لعقد العمل الجماعي الموقّع بين جمعية المصارف ونقابة موظفي المصارف. يطرح كثيرون تساؤلات ما إذا كانت المصارف التزمت القواعد القانونية والعقدية مع موظفيها، لجهة إيضاح أسباب الصرف وقانونيته ومهلة الإنذار المحددة قانوناً بحسب سنوات الخدمة، ومن ثم دفع التعويضات والرواتب والإجازات المستحقة. وهنا يجب أيضاً إثارة موضوع تعويضات نهاية الخدمة التي فقدت قيمتها نتيجة انهيار سعر صرف العملة الوطنية، ما يوجب على جمعية المصارف، وكتدبير أخلاقي، أن تعوّض على موظفيها كونهم ساهموا من خلال عملهم برفع أرباح المصارف.

المصارف تقلص عدد فروعها

في هذا السياق، يؤكد عضو مجلس إدارة وأمين صندوق جمعية المصارف تنال الصباح، أن “أي شركة منتجة عندما تتدنى نسبة أرباحها، عليها أن تذهب فوراً إلى تقليص عدد موظفيها، وهذا حال القطاع المصرفي الذي يتقلّص تدريجيًّا وببطء”.

وإذ يعتبر أن “تسريح ثلث من موظفي بنك بيبلوس كان رقماً كبيراً أأي الاستغناء عن 400 موظف من أصل 1500″، يؤكد في الوقت عينه أن “صاحب المصرف الدكتور فرنسوا باسيل سيعطيهم تعويضاتهم بشكل كامل”، مشيراً إلى أنه “عندما يزيد الطرد الجماعي عن عشر أشخاص، تزداد مدّة التعويض أكثر من الذي ينصّ عليه القانون التعسفي الذي هو ١٦ شهراً”.

الخبير الاقتصادي بلال علامة يشير في حديث خاص لموقع “لبنان الكبير” إلى أنه “بحسب مصادر في مصرفي بيبلوس والشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مياب)، تم إبلاغ عدد من المديرين والموظفين بالاستغناء عن خدماتهم”. وأوضح أن “المدير الذي يحمل توقيع فئة “أ” لديه الحق بتوقيع شيكات مصرفية مسحوبة من حساب المصرف التابع لدى مصرف لبنان بقيم تصل إلى مئات آلاف الدولارات. وبالتالي، يحصل الزبون على هذا الشيك المصرفي وتصبح أمواله خارج المصرف. أما بالنسبة للمدير الذي يحمل توقيع فئة “ب”، فليست لديه الصلاحية أو الحق أن يوقع أحادياً وبالتالي بحاجة إلى توقيع ثانٍ سواء كان من الفئة “أ” أو الفئة ذاتها، وتصل القيمة إلى مئة ألف كحد أقصى. ولكن في حال وقعت الفئة “أ” تتخطى المبالغ مئات آلاف الدولارات. أما الفئة “ج” فأعمالها محصورة فقط بالمعاملات الداخلية بين الفروع”.

ويرى علامة أن “الاستغناء عن المديرين الذين يحملون اعتمادات توقيع، يؤكد أن المصرف يذهب إلى تقليص حجم أعماله، وخصوصاً أن هؤلاء المدراء يتم الاتكال عليهم في تسيير أعمال فروع المصارف”.

استباق لقرارات المركزي

بعد أن رُفع تقرير المصارف للهيئة الخاصة في مصرف لبنان، يتم درس مدى التزامها تطبيق موجبات التعميم ١٥٤ الذي اشترط عليها زيادة رأسمالها بنسبة ٢٠ في المئة وأن تكتتب بـ٣ في المئة من حجم الودائع لديها بالعملات الأجنبية لدى المصارف المراسلة ومن المقرر إعلان النتائج بحسب كلام الحاكم مع بداية شهر أيار.

ويرى علامة أن “الإجراءات المتعلّقة بصرف بعض الموظفين والمدراء هو استباق لقرارات مصرف لبنان التي ستركز إما على إعادة الهيكلة من خلال تقليص عدد الفروع أو باتجاه دمج بعض المصارف”، مشيراً إلى أنه “تم التلميح لدمج ٢-٣ مصارف سابقاً. أما العدد المتوقع للتقليص فهو بحدود ١٥ مصرفاً من أصل ٥٢”.

بروتوكول الصرف

وكانت نقابة موظفي المصارف بشخص رئيسها أسد الخوري، قد أرسلت في بداية هذا العام للإدارات المصرفية كافّة مقترح الاتفاقية البروتوكوليّة، على أن تعتمدها في ما يتعلّق بموضوع الموظفين المنوي صرفهم من الخدمة نتيجة إعادة الهيكلة المنوي اتخاذها.

ويشير خوري في تصريح لـ “لبنان الكبير” إلى أنه تلقى “بعض الشكاوى من بنك مياب ومصارف عدة وأنه يتم العمل على مراجعة إدارات تلك المصارف لتسوية الأوضاع عبر مفاوضات ستجري في الأيام المقبلة”، داعياً “الزملاء الموظفين إلى التعاون بتقديم شكاوى جماعيّة لكي تكون المفاوضات أكثر فعّالة بالضغط على الإدارات المصرفيّة لتحصيل حقوقهم”.

وفي حال لم تُستجب المطالب ولم يستحصل الموظفون على تعويضات عادلة تراعي الوضع المعيشي في هذه الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد، يؤكد خوري أن “اتحاد نقابات موظفي المصارف سيكون له تحرّكات متعددة في الأيام المقبلة بدءاً من مؤتمرات صحافية وصولاً إلى اللجوء إلى الشارع”.

وينص بروتوكول الصرف بين نقابة موظفي المصارف وجمعية المصارف على حصول الموظف، الذي سيتم صرفه، على ١٦ شهراً كتعويض الصرف التعسفي أي على شكل محفزات مالية لإعطائه مهلة لتسوية أموره. ويشير علامة في هذا السياق، إلى أنه “بحسب مصادر في بيبلوس ومياب، فإن هذين المصرفين لن يلتزما بالبروتوكول الموقّع وسيلجآن إلى صرف الموظّفين وإبلاغهم بأن ما يستحق لهم لا يتعدى راتب شهرين”.

عدم اكتمال عدد الشكاوى

الجدير ذكره، أنه بين ٢٠١٩-٢٠٢١ تم صرف ما يزيد عن ٢٠٠٠ موظف، علما أن زهاء ٧٠٪؜ -٨٠٪؜ تم التفاوض معهم وعُرضت عليهم تحفيزات مالية وكان قرارهم في البقاء أو الاستقالة اختياريًّا، إلا أن عدد الشكاوى الموزعة على كل مصرف لم يتجاوز العشر. وفي هذا السياق، يعتبر علامة أن “عدم اكتمال العدد المستوفي لتقديم الشكاوى سببه أن المصارف تعمل عن قصد وبشكل تدريجي على إبلاغ أعداد تقل عن عشرة في كل مصرف لكي لا يتم الوصول إلى موجبات الشكوى الجماعية لتحصيل تعويضاتهم التي قد تتخطى الـ٣٠ شهراً بحسب مدة الخدمة”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً