إنه العيد … أين العمل والعمال؟!

فدى مكداشي
فدى مكداشي

يمر عيد العمال ثقيلاً هذه السنة على كل القطاعات مع الأزمات المتنوعة التي تشهدها البلاد من تدهور الوضع النقدي والمالي، إلى انهيار القطاع المصرفي، إلى تدني القيمة الشرائية والغلاء الفاحش، إلى انفجار المرفأ وانتشار جائحة كورونا. الخسائر بالمليارات، ارتفاع نسبة البطالة وتسريح المزيد من الموظفين باتت عناوين الأخبار اليوميّة. “لبنان الكبير” ينقل صورة عما آلت إليه الأوضاع في قطاعات حيوية كالسياحة والتجارة والصناعة والزراعة والمطاعم، ودور وزارة العمل. والصورة توحي بأن المستقبل لن يكون أحسن حالاً إذا لم تقم قيامة الدولة لتمنع الاستنزاف الحاصل من إقفال مؤسسات إلى هجرة الكوادر إلى خسارة العمال لحقوقهم.

تصوير: حسام شبارو

عطالله: الأزمات شلت البلد

في هذا السياق، تقول مدير عام وزارة العمل بالإنابة مارلين عطالله لــ”لبنان الكبير”: “إن الأزمات المتتالية شلّت البلد ككل. بدءاً من الظروف الاقتصادية، وانفجار المرفأ، وتفشي وباء كورونا، والوضع المالي الناتج عن انهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار. كل هذه العوامل انعكست سلباً على واقع الشركات التي تعمل في لبنان، ما أدى إلى صرف أعداد كبيرة من الأجراء. فالانفجار من ناحية ألحق أضراراً كبيرة في مؤسسات خدماتية في بيروت وتحديداً قطاع الفنادق والمطاعم. وكورونا من ناحية أخرى كان لها تأثير كبير في هذا المجال. بالإضافة إلى القطاع المصرفي بحيث سُحب الكثير من الأموال في السنوات الأخيرة. أما القطاعات الأخرى، كالمنظمات والجمعيات الدولية في لبنان كلها تعمل وفق مشاريع محددة بحسب التمويل. أضف إلى ذلك الشركات اللبنانية ومنها التي تعمل في مجال تجارة الأدوية أو في المحلات ذات العلامة التجارية، والقطاع التجاري بشكل عام”.

أما بالنسبة إلى معدلات البطالة، فتشير إلى أنه “لا يوجد رقم دقيق أو إحصاء رسمي، لأن عدد الموظفين الذين خسروا وظائفهم في لبنان، معظمهم لا يأتي إلى الوزارة ولا إلى مجالس العمل التحكيمية لتقديم شكوى، وبالتالي لا يوجد رقم رسمي”.

وعن خطة وزارة العمل لتحسين الوضع في لبنان، توضح “نعمل على برامج عدة، وهذا الدور لا يقتصر فقط على الوزارة بل يتطلب سياسة حكومية كجزء من الرؤية الاقتصادية التي سترسمها الحكومة. أما على مستوى الوزارة، فيجب أن يتم التنسيق مع الوزارات كافة. وقد وضعنا مشروع قانون لتطوير العمل لإعادة النظر بقانون العمل وتطويره ليواكب كل الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها لبنان، ولكي يكون قانون عمل عصرياً يواكب كل هذه المتغيرات التي يمر بها الاقتصاد والوضع المالي، ويعمل على تأمين العدالة الاجتماعية للأجراء”.

وتلفت إلى أنه “قمنا بمبادرات عدة كمبادرة “لازم نتعلم” بالتنسيق مع الإسكوا وموقع كورسيرا لـ٢٥ ألف شاب وصبية استفادوا من الدورات التدريبية المجانية وهي تساهم بإيجاد فرص عمل عبر تزويدهم بالمهارات الأكاديمية والجامعية. كما أن هناك مشروعاً ضد البطالة، وهو مشروع قانون أطلقته الوزيرة منذ أسبوعين بالتنسيق مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهي مشاريع قوانين نعمل عليها. كما أننا خلال هذه الأزمة نواكب أزمات الصرف التعسفي التي يعاني منها الأجراء. وكان هناك دائماً محاولات حثيثة لمساعدة الموظفين وحصولهم على تعويضات أو نوع من التشاور والتفاوض مع الشركات التي كانت تتقدم بطلبات لإنهاء عقودهم للبحث في إمكانية استمراريتهم والحد من عملية الصرف”.

تصوير: حسام شبارو

أشقر: الدولة فشلت في مساعدتنا

أما بالنسبة للقطاع السياحي الذي لطالما كان الاقتصاد الوطني قائماً عليه، يعتبر رئيس نقابة أصحاب الفنادق بيار أشقر أن “هذا القطاع لم يشهد بتاريخ الجمهورية اللبنانية منذ ١٠٠ سنة هكذا ظروف قاسية، ولا ضياعاً من هذا النوع. لا يوجد مجال للحلم”.

وعن تقدير حجم الخسائر، يشير إلى أنه “بسبب انفجار المرفأ هناك ٢٠٦٠ مطعماً تهدمت و٣٥٠ فندقاً دمّرت”. أما بالنسبة لتداعيات كورونا على القطاع، يرى أنه “في ظل غياب القرار السياسي، فشلت الدولة في مساعدتنا، وبالتالي الخسائر اليوم في القطاع السياحي هي في المليارات”، مشيراً إلى أن “أرباح هذا القطاع في عام 2010 وصلت إلى 9 مليارات و300 مليون دولار أميركي. وفي أواخر عام 2018، كان هناك 4 مليارات دولار من المداخيل. واليوم عندما تراجعنا بنسبة 95٪ أصبحت الأرباح بالمئة مليون وهذا لا يساوي شيئاً مع تدني القيمة الشرائية والفروقات في سعر الصرف”.

تصوير: حسام شبارو

ﻟﻣﻊ: مشرفون على الغرق

بدوره، يعتبر ﻧﺎﺋﺏ ﻏﺭﻓﺔ ﺍﻟﺗﺟﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺻﻧﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺯﺭﺍﻋﺔ ﻓﻲ ﺑﻳﺭﻭﺕ ﻭﺟﺑﻝ ﻟﺑﻧﺎﻥ ﻣﺣﻣﺩ ﻟﻣﻊ، أن “الوضع الاقتصادي اليوم بالنسبة للهيئات النقابية، أصبح تحت الخطوط الحمر، والغريب أنه إلى الآن لا يوجد أي بادرة حل واحدة. لذا نحن في سفينة تشرف على الغرق، ومع ذلك يقولون: “سيري فعين الله ترعاك”. اليوم نمر بأصعب المراحل مع الغلاء وتدني الأجور وغياب المبادرات لإيجاد الحلول. الوضع أكبر من إمكانات الهيئات وغرف التجارة وإمكانات الدولة. أصبح الوضع متداخلاً مع بعضه داخلياً وخارجياً. حصار على لبنان من الأشقاء والأصدقاء من الشرق إلى الغرب. نحن في أصعب مراحل للعامل وصاحب العمل”.

تصوير: حسام شبارو

الرامي: اغلاق مؤسسات وهجرة

من جهته، يعتبر رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان طوني الرامي أنه “بشكل عام للأسف القطاع السياحي خسر كل مقوّماته في ظل هذه الأزمة، وخسر السيولة المحجوزة، وخسر القدرة الشرائية، إذ إن هناك فقط ٣٪-٤٪ من اللبنانيين الذين بإمكانهم الذهاب إلى المطاعم، كما أننا خسرنا الطبقة الوسطى التي من خلالها تنتعش هذه المؤسسات. وبالتالي خسرنا العامل النفسي، أي أن الناس سواء كانت فقيرة أو غنية في هذا الوضع القائم في البلد لا يوجد ما يشجّعها للخروج وارتياد هذه الأماكن. إضافة إلى الخوف من كورونا والعامل الأساسي هو الدولار وكيف يمكننا أن نتأقلم بأسعارنا مع هذا الموضوع”.

ويشير إلى أن “قطاع المطاعم خسر ٥٠ في المئة من عدد مؤسساته ما بين ٢٠١٩ و٢٠٢٠، إذ كان حجمه ٨٥٠٠ مؤسسة عام ٢٠١٩ وفي نهاية عام ٢٠٢٠ خسر ٤٣٠٠ مؤسسة واليوم ما بين الإغلاق وإعادة الفتح لا نعلم ما هو عدد المؤسسات خصوصاً أن هناك عدداً من المطاعم أغلقت أبوابها”.

أما من ناحية البطالة، فيشير إلى أن “القطاع السياحي عموماً كان يوظف ١٦٠ ألف شخص في ٢٠١٨ مسجلين في الضمان الاجتماعي. اليوم لا يوجد ٥٠ ألفا تقريباً، ويعملون بشكل جزئي، أي خسر ٦٠ في المئة من العمال الذين هاجروا إلى الخارج لتأمين الدولار بالرغم من المعاشات الزهيدة. كما أن هناك هجرة العلامات التجارية، أي أن أصحاب المؤسسات يهاجرون إلى الخارج لتأمين استمرارية لعملهم”، معتبراً أن “البترول السياحي المتمثل بالمطاعم مقبل على خسارات عدة، وقد نشهد في الفترة المقبلة إغلاق مزيد من المؤسسات في ظل الواقع السياسي الذي نعيشه”.

تصوير: حسام شبارو
شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً