الخطر على المصارف من الإجراءات الخارجية

محمد شمس الدين

بدأ منذ مدة بعض القضاة اللبنانيين بأخذ قرارات تلزم المصارف بالدفع لبعض المودعين، أو قرارات تقضي بالحجر على أملاك المصارف. تزامنت هذه القرارات مع إجراءات في كل من سويسرا وفرنسا بحق حسابات مودعين لبنانيين وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولكن هذه الإجراءات الداخلية والخارجية، كم تؤثر على الاقتصاد اللبناني؟

الإجراءات القضائية الداخلية لن تؤثر على الاقتصاد

المصارف اليوم متعثرة ولا تقوم بدورها بالإقراض والتسليف، لذلك يرى الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان أنَّ الإجراءات القضائية بحقها من القضاء اللبناني لن يكون لديها تأثير بقدر التعثر الاقتصادي القائم أصلاً، وإنما الذي قد يحصل هو أنّه سيتشجع مودعين آخرين لتأسيس دعاوى بحق المصارف بغية تحصيل حقوقهم.

ويلفت أبو سليمان الى أنَّ المصارف صرّحت جهاراً مراراً وتكراراً بأنها لا تملك عملاتٍ صعبة لتستطيع الدفع للمودعين، وبالتالي حتى لو صدر قرار قضائي بالحجز على بعض أصول المصارف بالداخل، لن يعود هذا القرار بالدولارات على المودعين.

اليوم ليست هناك استثمارات خارجية مباشرة، ولا يوجد مستثمرون يودعون بالمصارف، وذلك لأنهم لا يثقون بالقطاع المصرفي، وإنَّ إعادة الثقة به تحتاج إلى إعادة رسملة جدية لهذا القطاع وإعادة هيكلة له، عدا عن ذلك لا يرى أبو سليمان إمكانية عودة تدفق الأموال بالعملة الصعبة.

الإجراءات في الغرب قد تؤثر على العلاقة بالمصارف المراسلة

الاجراءات القضائية في الخارج، مثل سويسرا وفرنسا لن تؤثر عملياً في الداخل، يقول أبو سليمان، وأصبح معلوماً أنه حصل تجميد لحسابات حاكم مصرف لبنان في سويسرا بقيمة 50 مليون دولار، ولكنها قد تؤثر على علاقة المصرف المركزي مع المصرف المراسل الوحيد الذي بقي يتعامل معه، جي بي مورغان، الذي يتداول معه لبنان مالياً ونقدياً، لأن الخطورة لا تكمن فقط بالتعثر أو التصنيف الائتماني المنخفض للبنان، بل إذا كان هناك ممارسات غير سليمة أو شوائب مورست بالمصرف المركزي.

لن توثر أي إجراءات قضائية إيجاباً أو سلباً بالاقتصاد اللبناني وفقاً لأبو سليمان، إن أخذت تغطية إعلامية أم لا، وذلك لأن القطاع المصرفي فقد الثقة داخلياً وخارجياً، وإن أرادت الناس أن تأخذ حقوقها وودائعها، لن يكفي أن يحكم القضاء باسم الشعب، بل يجب أيضاً أن يقوم الجهاز الرقابي الذي يراقب وينظم القطاع المصرفي بإلزام المصارف بإعادة رسملة وإعادة هيكلة حقيقية للقطاع، وليس كما حصل سابقاً حيث كانت فقط دفترية، يجب أن يكون هناك دولارات طازجة تدخل على المصارف، وأكيد يجب إعادة ترميم الثقة بالقطاع لجذب المستثمرين، وهذا يتطلب إعادة كبار المساهمين بالمصارف والسياسيين وأصحاب النفوذ الأموال التي حولوها إلى الخارج، على الأقل بعد 17 تشرين، وبعدها يمكن القيام بالإصلاحات المرجوة.

الازدواجية تحكم اللبنانيين، وذلك بسبب النكد السياسي، حيث تراهم يهللون لإجراءات بحق شخصيات لبنانية حسب الهوى السياسي، بينما لبنان يحتاج إلى جميع الأطراف المعنية لينهض من أزمته، وعلى الرغم من حق الشعب اللبناني بمعرفة أين ذهبت أمواله، إلا أن الأمور لن تُحل بالشعبوية، بل تحتاج إلى استراتيجية اقتصادية شاملة من دون أن يكون فيها أيادٍ سياسية.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً