أرقام مضللة… تسعير خدمة الدين الخارجي على 1507 ليرات؟

المحرر الاقتصادي

الأرقام الصادرة عن وزارة المالية حول وضع المالية العامة حتى تشرين الثاني من العام 2020، تظهر أن عجز الموازنة سجل تراجعاً ملحوظاً مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019 وبنسبة 45.50 في المئة. فهو بلغ حتى تشرين الثاني 2020، 4 آلاف و38 مليون ليرة (مليارين و680 مليون دولار وفق السعر الرسمي للصرف) من 7 آلاف و410 ملايين ليرة في الأشهر الأحد عشر من العام 2019 (4 مليارات و917 مليون دولار).

لكن أرقام المالية العامة التي تأتي متأخرة كثيراً عن تاريخ نشرها المعتاد، لا تمت الى الواقع بصلة، وذلك للأسباب التالية:

– يتم احتساب ارقام المالية العامة من نفقات وايرادات على أساس سعر الصرف الرسمي البالغ 1507.50 ليرات، فيما السعر أعلى بكثير في السوق الموازية.

– إن التراجع الكبير الذي سجلته النفقات العامة في 11 شهراً وبلغت نسبته 26.88 في المئة، لم يتحقق بفضل الإصلاحات التي قامت بها الحكومة، انما نتيجة قرارها التعثر عن سداد سندات لبنان من اليوروبوندز من دون أن يترافق هذا الإجراء مع وضع خطة تفاوض مع الدائنين، وهو ما أدى الى انخفاض مهم في خدمة الدين بلغت نسبته 66.77 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019.

– تراجع سداد خدمة الدين الخارجي بنسبة 92.69 في المئة ليبلغ 229.6 مليار ليرة من 3 آلاف و142 مليار ليرة في 11 شهراً من العام 2019. لكن هذا الرقم فيه لغط كبير. إذ كيف يمكن استمرار اعتبار قيمة فوائد الدين الخارجي على أساس سعر صرف 1507.5 ليرات فيما السعر الموازي يحلّق؟ بمعنى آخر، يجب أن يكون تسعير خدمة الدين الخارجي على أساس الدولار الفعلي. وهذا الأمر سيؤدي حتماً الى ارتفاع كبير في تكلفة خدمة الدين العام، ما سيؤدي بدروه الى ارتفاع العجز لمستويات عالية جداً.

– إنّ عجز الموازنة الذي يشكل وفق الأرقام ما نسبته 23 في المئة من النفقات، لا يشمل المتأخرات التي على الدولة سدادها، لاسيما الى البلديات والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والموردين والمقاولين…

– إن الانخفاض في مبالغ دعم مؤسسة كهرباء لبنان وبنسبة 41 في المئة لتسجل ألفاً و221 مليار ليرة من ألفين و73 مليار ليرة، ليس نتيجة إصلاح قطاع الكهرباء الحيوي وبدء تشغيل معامل جديدة، وتقليص الهدر الفني وغير الفني، أو تعيين هيئة ناظمة وفق ما ينص عليه قانون تنظيم قطاع الكهرباء أو تعزيز الشفافية والحوكمة، انما نتيجة هبوط أسعار النفط عالمياً بسبب جائحة كورونا.

– تراجعت الإيرادات العامة بواقع 17.58 في المئة الى 12 ألفاً و39 مليار ليرة من 14 ألفاً و607 مليارات ليرة في الأشهر الأحد عشر من العام 2019، وذلك نتيجة لتراجع كبير لإيرادات ضريبة القيمة المضافة بلغت نسبته 48.18 في المئة، وإيرادات قطاع الإتصالات (7.34 في المئة). كما تراجعت ضريبة الدخل على الأرباح نحو 50 في المئة في مؤشر على عمق الركود الاقتصادي.

-في المقابل، ارتفعت الرسوم العقارية بواقع 111 في المئة، نتيجة إقدام المودعين على سحب ودائعهم من المصارف من خلال شراء عقارات بشيكات مصرفية.

– تشير الأرقام الى تسجيل عجز أولي بقيمة ألف 374 مليار ليرة في 11 شهراً، وهو رقم يفترض أن يكون أعلى بكثير إذا ما أضيفت المتأخرات.

من جراء ذلك، واصل الدين العام تناميه الى أن بلغ في نهاية شباط 2021، 96.9 مليار دولار، الداخلي منه مقوماً بالدولار حوالي 61 ألف مليار مشكّلاُ 62.4 في المئة من الدين العام الاجمالي، والخارجي حوالي 36 مليار دولار. وبلغت حصة المصارف من مجمل الدين 25.5 في المئة مقابل 61.6 في المئة لمصرف لبنان و12.9 في المئة للقطاع غير المصرفي.

الرواتب والأجور

في شق آخر، أظهرت أرقام وزارة المالية أن الإنفاق الإجمالي على المخصَّصات والرواتب وملحقاتها زاد بنسبة 0.96 في المئة على صعيد سنوي في تشرين الأول الماضي (آخر المؤشرات الصادرة من الوزارة) الى 8 آلاف و211 مليار ليرة (5.45 مليارات دولار)، مقارنةً بـ8 آلاف و133 مليار ليرة (5.40 مليارات دولار) في الفترة ذاتها من العام 2019. مع الإشارة إلى الإنفاق على المخصّصات والرواتب وملحقاتها شكّل 59.29 في المئة من النفقات الحكوميّة الجارية و50.54 في المئة من الإنفاق الحكومي الاجمالي لغاية شهر تشرين الأوّل 2020، مقابل 45.79 في المئة و40.26 في المئة على التوالي في الفترة نفسها من العام 2019.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً